علي عبدالله المفضي
لاشك أن للأمسيات الشعرية أثراً بالغاً على المشهد الشعري وإيصال الجميل من الشعر إلى محبيه بشكل مباشر، بالإضافة إلى ما تمثله من أهمية للشاعر نفسه كدفعة قوية للموهوب وتقدير للمبدع العريق، وقد لا أجانب الحقيقة إذا قارنت الأمسيات بالمسرحيات حيث مواجهة المبدع فنانا كان أم شاعرا مع الجمهور وإمكانية النجاح أو الفشل في تلك المواجهة.
ومع بداية موسم إجازة الصيف تكثر المهرجانات التي تمثل الثقافة والشعر بشكل خاص جزء مهم منها ولا تخلو إلا ما ندر من عدد من الأمسيات نظرا لتعطش الجمهور إليها وشغفه بها، وقد نلاحظ أحيانا غياب من نعدهم من النخبة عن مثل تلك المناسبات لأسباب كثيرة، قد يكون للغياب الطويل للمبدع عن المشهد الإعلامي ومن ثم غفلة القائمين على تنظيم الأمسيات عنهم مما يحجبهم عن الجمهور عن غير قصد.
وقد سألت أحد الشعراء عن عزوفه مؤخرا عن إحياء الأمسيات كما كان سابقا فقال دُعيت مرة لأمسية وسألت إن كان سيشاركني شاعر آخر فقيل لي انه سيكون معك فلان ولم أعرف الاسم فاتهمت نفسي بالتقصير وعدم المتابعة وجئت إلى الأمسية التي بدأها عريف الأمسية بالتعريف بالشاعر الآخر وأغدق عليه من الثناء ما لا يليق إلا بالمتنبي أو من يقاربه -وأين من يقاربه- وللحقيقة فأنني أوجست خيفة من هذا الشاعر، وظننت في بضاعتي الظنون وكيف سأجاري من قيل عنه كل هذه المقدمة.
وحين بدأ بأول قصيدة تحول الخوف إلى عتب للنفس أن قبلت أن أساوى برجل أقل مساوئ ما يقوله ويعده عريف الأمسية شعرا جهله بالوزن ناهيك عن ارتباك ظاهر في البناء الشعري، وكتابة بعض أبياته على أكثر من بحر في النص الواحد، واعتماده فقط على طرح يوميات خاصة لا ترقى أن تكون أدبا متداولا، ومضت الأمسية وأنا أنظر إلى الساعة علها تُكمل دقائقها الستين قبل أن أمزق ملابسي.