عبدالحفيظ الشمري
مع أولى بشائر دخول شهر رمضان الكريم؛ تعم الفرحة الإيمانية، والبهجة الروحانية الكثير من القلوب المتعطشة لهذه الأيام المعبأة بالسكينة، والمفعمة بالود والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، وتكريس المواقف الإنسانية المشرقة التي تعكس الرغبة بالابتهاج الحقيقي بأيام وليالي رمضان الكريم.
فمغانم هذا الشهر المبارك كبيرة ومتنوعة، وذات أبعاد إنسانية وحياتية متعددة، إذ تستيقظ فيها كل الأحاسيس والمشاعر الفياضة لفعل العمل الإيجابي الجميل، فبين ما تصوم الجوارح والأجساد عن المأكل والمشرب تبدأ رحلة المشاعر في بناء علاقة إيمانية قوية ومؤثرة في السلوك والوجدان.
وما نلمسه ونشعر فيه جلياً هو النشاط الوجداني الذي ينهض مع أول يوم من أيام شهر الخير، لنستشعر معاً أن الناس فيه تقبل كثيراً على أعمال الخير المادية والمعنوية، لتزدهر في هذه الأيام طرق البذل والعطاء والمساعدة، وإقامة مآدب الإفطار والسحور؛ تماشياً مع كرم وجود وبر هذا الشهر الكريم.
إلا أن ما يُلاحظ على هذا الجانب من البذل والإنفاق والعطاء أنه قد يأتي من قِبل البعض بشكل مفاجئ، وفي هذا الشهر الكريم فقط؛ أما فيما سواه من شهور فإنه يغيب تماماً، لذا فإن من المهم أن يتواصل العطاء، ويتوزع البذل في هذا الشهر وما يليه من شهور أخرى، ليصبح هذا الجهد متواصلاً، وليستفيد منه المحتاجون لا سيما العمال، وعابري السبيل في مختلف المدن والمناطق.
فصورة رمضان العطاء لا شك أنها مبهجة وجميلة وتحمل مضامين التواصل والتضامن والتكافل وقضاء الحاجات؛ فمن أجل أن يستمر هذا الزخم المعنوي الإنساني المتواتر لا بد أن نحدد احتياجات الناس والمجتمع في هذا الشهر الكريم؛ ومن الأولى أن تمتد يد السخاء والبذل إلى كل الشهور قبل وبعد رمضان؛ ليستفيد الناس من بركات وعطاء شهر الخير والرحمة.
فلا شك أن مغانمنا في هذه الأيام المباركة كثيرة، ونعجز عن إحصائها، وتعداد وجوهها وأبوابها؛ فهي غنية في مظهرها ومخبرها، وفي كل ما هو معنوي أو مادي في تفاصيلها ورسالتها؛ فمثلما يصوم الإنسان ويمتنع عن الطعام والشراب لساعات النهار، فإن الجانب المعنوي ينشط ويستيقظ في مزيد من عمل الخير والطاعات، ومد يد العون والمساعدة.