رجاء العتيبي
التكلس Calcification يعني إدارياً ثبات المنشأة ومن فيها على ذات الحال سنوات طويلة, فتنشأ عقول (متكلسة) كالحجر الجيري لا تستقبل ولا ترسل, فتراها ثابتة والعالم يتغيَّر, تتحرّك ببطء شديد, وتقاوم أي تغيير, متخذة خطاً آخر غير خط نهر الحياة الجاري.
ومعنى تكلّس في القاموس الوسيط، هو: كلَسَ يَكلِس، كَلْسًا، فهو كالِس، والمفعول مَكْلوس، كلَس البناءَ: طلاه بالكِلْس، وهو الجير, انتهى.
ويكفيك بنية الكلمة (تلكس) تشعرك بالبلادة, والسلبية, والتخلف, حتى لو لم تعرف معناها, كلمة تمثّل أدق وصف للجمود الذي تعاني منه كثير من المنشآت الحكومية, وبعض البشر, أما (المكلوسون) من الموظفين فحالهم حال, دعهم في تكلسهم يعمهون, لأنهم غير قابلين للحوار والتفاهم.
والتكلس منظومة متعاضدة, جوهرها الفساد, ورأسها صاحب القرار, فإذا كان صاحب القرار متكلساً, مكث 10 سنوات فأكثر, فاعلم أن ثمة فساد وجمود, في حين هناك قناة نشطة تسير فيها المعاملات بسرعة متناهية إذا كانت تصب في صالح شلة التكلس.
الفساد والتكلس وجهان لعملة واحدة, وبمجرد أن تزيل أحدها يتغيَّر الحال, وفي حالات لا يكون التكلّس مرتبطاً بالفساد إذا كان مصدره الجهل, فالجاهل إذا كان مسؤولاً بالضرورة يتكلس ويكلس من معه, لأنه لا يعرف شيئاً عن الجديد, ولا يستوعبه إذا رآه, وربما رأى الجديد خطراً عليه وعلى ومنشأته وعلى مجتمعة, وهذه قضية أخرى.
تعرف حياة التكلس عندما ترى نقيضها, وهذا يحتم تنظيم برامج زيارات للعالم الجديد المتسارع بكل ما فيه من إبداع وتطور وتقدم، زيارات متكررة لا تتوقف نستهدف فيه الموظفين الذي على (وشك التكلس), يؤخذون عنوة حتى لو نجرهم بالسلاسل, لأن (منطقة الراحة) منطقة جاذبة ومؤثّرة وقوية, وهي أخطر محفزات التكلس.
أما المتكلسون منذ زمن فلا فائدة منهم, فليذهبوا للتقاعد غير مأسوف عليهم, فيما نبث مكانهم دماء جديدة, لا تزيد في منصبها الجديد عن 8 سنوات منعاً لحالة تكلس أخرى, فدورة التكلس إذا دارت ليس من السهل إيقافها.
دعونا نعيش ونتعايش مع رؤية السعودية 2030، مع مشروعات بدائل النفط, مع مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة, مع مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية، مع معرض مشكاة للطاقة، مع واحة العلوم سايتك, مع ريادة الأعمال, مع اقتصاديات الفنون, مع مراكز الأبحاث, مع القوانين, مع الوطن, مع الإنسان بدون تصنيف.