محمد عبد الرزاق القشعمي
كما نشر عنه كثير من القصائد تمجد أفعاله وتشيد بها ومنهم: حسين نماس السبيعي، وحماد سلامة المشوخي، وعلي إدريس علي.
قال عنه الدكتور سلطان بن سعود القحطاني في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) أنه: «كاتب، وباحث، وأستاذ جامعي متخصص في المكتبات والمعلومات وله اهتمام بالرصد (الببليوجرافي) للحركة الأدبية في المملكة، ونشرت أعماله الأولى باسم (يحيى محمود الساعاتي)، من مواليد مكة المكرمة، أكمل دراسته الابتدائية والثانوية بالطائف، والتحق بجامعة الملك سعود.. إلى قال: «.. اهتم يحيى بن جنيد بالكتب منذ صغره فنشأ محباً للبحث العلمي، وتوثيق المعلومات، ولذا كلف برئاسة عدد من المجلات الثقافية المتعلقة بالكتاب على وجه الخصوص...» وعدد أسماء تسع دوريات. وقال: «.. وعرف يحيى ابن جنيد بنشاطه العلمي في الجامعات والدوائر العلمية والثقافية، فحاضر في جامعة الإمام، والملك سعود، وكليات البنات، ومركز جمعة الماجد في الإمارات، وكلية الملك فهد الأمنية، وفي دورات تدريبية كثيرة منها: مؤسسة الملك عبدالعزيز، ومؤسسة الفرقان في القاهرة، وإسطنبول والدار البيضاء، والرباط، ودورات تدريبية في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض.
له أكثر من خمسة وعشرين كتاباً، إضافة إلى ستين بحثاً منشوراً في تاريخ الكتب والمكتبات والحضارة الإسلامية، وقضايا الوقف الثقافي... » واختتم بقوله: «.. وتتميز مؤلفاته البحثية بالعلمية والحجم المتوسط والأسلوب الأدبي، لذا يقبل عليها المتلقي دون عناء، وهناك كثير من المؤلفات قيد الطبع» ص 257-260.
هذا وقد ألف كثيراً من الكتب والدراسات والبحوث سنكتفي هنا بذكر عناوين بعض الكتب المستقلة:
1- الأدب العربي في المملكة العربية السعودية ببليوجرافيا. دار العلوم 1399هـ- 1979م.
2- حركة التأليف والنشر في المملكة العربية السعودية، نادي الرياض الأدبي 1399هـ- 1979م.
3- حمد الجاسر، دراسة مع ببليوجرافيا.. جامعة الملك سعود بالرياض 1397هـ- 1977م.
4- الحياة الثقافة في مكة المكرمة في القرن التاسع عشر الميلادي، مؤسسة اليمامة الصحفية 1422هـ- 2002م.
5- الطباعة في شبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر، دار أجأ 1419هـ- 1998م.
6- من مقالات حسين سرحان، نادي الرياض الأدبي 1400هـ- 1979م.
7- الوقف وبنية المكتبة العربية استبطان للموروث الثقافي، مركز الملك فيصل للبحوث الدراسات الإسلامية 1408هـ- 1988م.
وغير ذلك كثير.
هذا وقد وجه سمو أمير منطقة الرياض والمشرف العام على المكتبة سلمان بن عبدالعزيز -الملك- خطاب شكر له بعد طلبه الإعفاء قائلاً: «.. إننا نقدر لكم مجهوداتكم ومساعيكم الحثيثة التي كان لها أثر واضح في تطوير العمل وتنظيمه خلال فترة تكليفكم الذي واكب إنشاء المكتبة في مراحلها الأولى، كما نؤكد لكم حرص المكتبة على الاستفادة من خبراتكم السابقة بما يخدم أهدافها.. ».
لعلي أذكر شيئاً عن أبي حيدر قد لا يعرفه عنه إلا القلة من زملائه، وهو أنه الزاهد المتبتل المبتعد عن الأضواء أو أماكن التسلية فوقته كله للعمل المثمر الجاد. وقبل أن أذكر شيئاً مما قاله من عرفه حق المعرفة، اختلس النظر إلى خطاب وجهه لمن خلفه في أمانة مكتبة الملك فهد الوطنية علي الصوينع بتاريخ 13-6-1418هـ عندما طلب رأيه في مشروع كتاب (معجم مؤلفات ابن عبدالهادي)، وكان قد سبق أ ن أرسل له هذا الكتاب لتقويمه، وقد بعث له بعد ذلك مقابلاً مادياً.. فرد بخطابه المشار إليه قائلاً: «.. والأمل أن يتذكر الأخ الكريم علاقتي بالمكتبة التي قامت منذ البدء على الاسهام بعيداً عن المادة.. وبالتالي عدم إحراجي بصرف مكافأة لي مقابل التقويم فأنا لا أرغب في ذلك نهائياً وقد ذكرتكم بذلك من قبل، آمل التقيد برغبتي ليسهل علي استمرار التعامل معكم.. ».
كان هذا بعيد اعتذاره عن العمل بالمكتبة وعودته كأستاذ للمكتبات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى جانب رئاسته لتحرير عالم الكتب.
هذا وقد استجاب بعد إلحاح على طلب الاجتماع بزملائه في مكتبة الملك فهد الوطنية لتكريمه في أحد الفنادق، بتاريخ 22-2-1419هـ وتناول طعام الغداء، وكان لي شرف تقديم فقرات الحفل الخطابي -وكان هو السبب في التحاقي بالمكتبة قبل سنوات- ومما قلته: «.. أبا حيدر غني عن التعريف، فهو العالم والمفكر والإنسان، فقد أسهم إسهاماً كبيراً في تشييد بيوتات الثقافة والمكتبات، ودور العلم والمعرفة في هذه البلاد، وكرس حياته خادماً للعلم وطلابه، ولن آتي بجديد عندما أقول ما قاله علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر عند ما قال عنه أنه كالراهب العاكف المتعبد في محراب العلم والمعرفة.
أبا حيدر: الكل يعرفك وبالذات من تعامل معك عن قرب فأنت فَطن لمَّاح تقرأ الكتاب من عنوانه، وفوق كل هذا فأنت دائم الإيثار والتواضع منكراً لذاتك، وتكره المظاهر وحفلات التكريم.. فنرجو المعذرة..».
وعند فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية عام 1418هـ- 1998م وتبرعه بقيمتها المادية لجمعية الأطفال المعوقين بالمدينة المنورة، أعرب له الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارتها عن اعتزازه وتقديره للمبادرة المتميزة التي تفضل بها.. قائلاً: «.. ويطيب لي وقد بادر بالتبرع بقيمة الجائزة لصالح الجمعية أن أتوجه إليه بخالص التقدير لهذا العمل الخيري الرائد الذي يجسد عمق جذور الخير لدى أفراد المجتمع السعودي، ويعكس التفاعل الصادق في مجتمعنا مع قضايا واحتياجات المعوقين والعمل الخيري بشكل عام».
وسأذكر باختصار بعض ما قيل عنه بعيد فوزه بالجائزة:
قال الدكتور عبدالله بن ناصر الوهيبي: «.. مرت فترة كان يقسم وقته بين الجامعة ومكتبة الملك فهد ومجلة عالم الكتب، وإذا رأيته في واحدة من هذه الثلاث خيل إليك أنها عمله الوحيد، لأنه يؤدي هذا العمل مغتنماً حرفته وهوايته في آن، كنت أدخل عليه أول عهدنا بمكتبة الملك فهد فأراه غارقاً بين ركام الوثائق والرسائل والدفاتر ينسف عنها الغبار، ويحوطها بحنانه كأنها أصغر أولاده..».
وقال الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري: «... بل كان دأب أبي حيدر الأخذ بالخلاصة، وتسهيل العلم وتوصيله مع الحرص الدائم على البعد عن المنغصات الصحفية، ولهذا تجده محبوباً لدى كل الأطراف.. » ونجد زميله في علم المكتبات الدكتور عباس صالح طاشكندي يقول: «.. علوم المكتبات والمعلومات من العلوم التي يمتزج العطاء فيها بين النظرية والتطبيق، فلا مندوحة فيها إلا بالتكامل بين العطاء العلمي النظري، وبين إمكانية التطبيق، وليس هذا فحسب، بل القدرة على الانجازات التطبيقية المهنية، وهذا ما يميز عطاء يحيى محمود بن جنيد.. ».
وقال زميله الآخر الدكتور علي بن إبراهيم النملة: «.. (ابن جنيد) هذا اسم من أسماء التراث، الذي يقرؤه لأول وهلة يظن أنه قد عاش في القرون المتقدمة.. وهو بهذا جمع بين الثقافة والتخصص، ومن أجمل الأشياء أن يكون المثقف متخصصاً، وأجمل من ذلك أن يكون المتخصص مثقفاً».
وقال الأستاذ فهد العلي العريفي: «أعتقد جازماً بأن من تعرّف على جهود ومواقف وأعمال الدكتور يحيى محمود بن جنيد يدرك بأنه يستحق هذه الجائزة العالمية بثقة وجدارة.. ولا يملك إلا الإغتباط بهذا الفوز.. فالدكتور يحيى بلطفه ونبله وحرصه على أن يقوم بكل عمل مثمر...».
وقال الأستاذ عبدالله الجفري: «... نعم فرح وطني المملكة العربية السعودية بابن مميز استطاع أن يحصد من شجرة علمه أو تخصصه العلمي: ثمرة هذا التكريم الذي بادرت به وإليه لجنة الجائزة.. إن هذا الفارس، الفائز، العالم.. هو: الدكتور يحيى محمود بن جنيد.. أحد أبرز رواد تحقيق الكتب الإسلامية والعربية، ومتخصص في (التوثيق والتأسيس) في علم المكتبات».
أما الأستاذ عبدالله العلي النعيم الذي زامله في جامعة الملك سعود في تأسيس المكتبة وغيرها فقد قال: «.. كلمة أوجهها إلى القادة الإداريين مهما كان حجم مراكزهم، صغروا أم كبروا، وإلى الذين يهيئون أنفسهم لكي يصبحوا قادة إداريين أن يجعلوا من سيرة الدكتور يحيى وأمثاله.. أن يجعلوا من هذه السيرة نبراساً لهم، وطريقة مثلى يتبعونها ويقتدون بها، ومثلاً أعلى يتخذونه في حياتهم وفي طريقة تعاملهم».
ويذكر عنه الأستاذ عبدالكريم الجهيمان: «علم من أعلام بلادنا العزيزة.. إنه في القمة من حيث العلم الواسع والعقل الراجح والأخلاق الكريمة التي قل أن تجتمع في شخص واحد من نظرائه... لم أسمع عن هذا الرجل إلا الثناء الجم، ولم أر منه إلا التواضع منقطع النظير!! ولذلك فإنني لا أكون مبالغاً إذا قلت إنه هو الرجل الكامل بالنسبة إلى مقاييس البشر من أمثاله!!».
وقال زميله في المكتبات الدكتور عبدالرحمن العكرش: «.. إن الأستاذ الدكتور يحيى بأعماله النافعة التي ستمكث -إن شاء الله- في الأرض، وبسمت العلماء الذي ميزه كما ميز سابقيه من الأعلام في حضارتنا الإسلامية وبتفرغه للعلم حتى غدا قيمة كبرى من قيمنا الثقافية التي نفخر بها ونفاخر حقيقاً على أن يفوز بهذه الجائزة».
وقال الدكتور عبدالرحمن الشبيلي: «رجل جمع بين العلم والأخلاق وصبر العلماء، وأستاذ نذر نفسه وفكره وحواسه في مجال لا يعرف قدره إلا الباحثون والعلماء والمتخصصون في النشر والتأليف والتوثيق والمكتبات، وعالم عزف عن الشهرة والأضواء، رغم تفوقه وبصماته البارزة..» وقال عنه شقيقه الدكتور بهجت محمود جنيد: «.. غرفتك منذ الصبا عاشقاً للكتاب متلهفاً عليه وكأنه أخوك الذي لم تلده أمك، كنت تشتري الكتب في الوقت الذي كنا نشتري فيه الألعاب، كنت تبحث وتكتب في الوقت الذي كان من حقك أن تلعب فيه مع الأصدقاء.. أنشأت أول مكتبة في بيتنا بالطائف في الوقت الذي كان نادراً جداً ما تجد فيه مكتبة..».
وقال عنه علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر: «.. إن الرجل يعيش عيشة غريبة، فيحيا حياة عزلة وانفراد وبُعدٍ عن ضوضاء الحياة العامة، يُذكر بالصوفي المنعزل في محرابه، أو الفيلسوف العاكف في انفراده على دراساته، ولكنه مع ذلك يعيش لمجتمعه، ويحيا حياة كلها جد ودأب ونشاط في البحث، واتجاه للاستزادة من العلم، وإفادة متجددة متواصلة مع غزارة انتاج نافع..».
وقال عنه الدكتور عبدالمحسن بن فراج القحطاني: «الدكتور يحيى بن جنيد (الساعاتي) اسم محفور في ذاكرة المشتغلين بعلم المكتبات والمعلومات، يجمع بين العلم والتواضع والزهد -زهد العلماء- وهي ميزة لا يتصف بها إلا النادر من الناس..».
أما تلميذته الدكتوره هدى باطويل فتقول: «أهنئ أستاذي الدكتور يحيى محمود بن جنيد بهذه الجائزة العالمية القيمة، والذي هو أهل لها لما يتمتع به من فكر ثاقب ومبدع.. فإلى كل هؤلاء الذين يدافعون عن قضايا المكتبات والمعلومات والتراث ذكوراً وإناثاً، وأنا منهم، أقول إننا حظينا بالتكريم في شخص رائد من روادنا وعلم بارز من أعلامنا هو الدكتور يحيى، فهينئا لنا بيحيى المعلم والموجه والعالم..».
ولعلي أختم هذه المقتطفات من كم وافر مما كتب عنه أحد موظفي المكتبة وهو القاص والروائي عبدالله حسين آل عبدالمحسن فقد كتب قصة بعنوان: (لمن تتفتح الكتب)؟! قال منها: «... احتضن بيديه الحانيتين أحدها، تنفس الكتاب عندما تهتك نسيج واهن من الغبار، الحارس بثيابه البنغالية يفض (الكراتين) برفق ويستخرجها واحداً واحداً مصغياً للوصايا:
- حاذر هذه ثروة عظيمة لا تقدر بثمن.
يراقب الحارس الكتب كيف تطمئن بين يديه هادئة قليلاً ثم يبدأ في تقليب صفحاتها صفحة صفحة مردداً مع كل كتاب يفتحه:
- لعشاقها تتفتح الكتب ليلاً، وتبوح بأسرارها...».