غسان محمد علوان
استمرارًا لما تم نقاشه على مدار المقالين السابقين، ورغبة في وجود مساحة أكبر من الاحترافية داخل أنديتنا العزيزة، يستمر الحديث عن بعض الوظائف الشاغرة التي تفتقدها أنديتنا بشكل واضح وصريح.
الوظيفة الثالثة: إدارة الكشافين والتعاقدات.
هذه الإدارة لا تتطلب عددًا كبيرًا من الأشخاص، لكنها بكل تأكيد تحتاج إلى خبرة في انتقاء المواهب. إداراتنا العزيزة كانت تبرم عقودًا كثيرة مع لاعبين محليين أو حتى أجانب بمبالغ طائلة، والعوائد الفنية منها لا تكاد تذكر. تعاقدات في مراكز قد لا يحتاج إليها الفريق، وإن احتاجها الفريق في تلك المراكز بالذات فثبت في أكثر من حالة أن القادم الجديد لم يصل لمستوى اللاعب السابق الذي أتى بديلاً له فما بالكم بتقديم الإضافة؟!
في كل تعاقد يظل نجاح اللاعب من عدمه رهنًا لتوفيق الله. ولكن ذلك التوفيق لا يتأتى دون تقليل نسبة المخاطرة في عملية التعاقد. هذا القسم يجب أن يحتوي على قاعدة بيانات متكاملة للبيانات الرئيسية لجميع لاعبي الفرق المنافسة في الدرجة التي يلعب بها الفريق، وحتى الدرجة التي تليها. هذه البيانات تشمل مركز اللاعب، وعمره، ومدة تعاقده مع ناديه. هذه المعلومات متى ما توافرت لدى النادي، يصبح من السهل على النادي بشكل كبير تحديد أهدافه التعاقدية بعيدًا عن عشوائية الاختيار. أما بالنسبة للاعبين الأجانب، فبمجرد اقتراب فترتي الانتقالات الصيفية أو الشتوية يتم إرسال هؤلاء الخبراء إلى دول محددة للبحث عن لاعبين أجانب لم تطُلْهم عيون السماسرة بعد، ولم تتضخم عقودهم لمبالغ فلكية. هذه الزيارات التي يتم الترتيب لها مسبقًا لتصادف مباريات قوية في تلك الدولة تجعل هؤلاء الكشافة قادرين على تقييم اللاعب على أرضية الملعب بعيدًا عن لقطات اليوتيوب المنتقاة بعناية، ولا تظهر الكثير من حقيقة مستوى اللاعب. تلك الزيارات الميدانية ستقلص بشكل كبير من قيمة الصفقات؛ لكونها ستصبح مباشرة بين النادي واللاعب وناديه. ومهما بلغت تكاليفها فهي لن تساوي تلك العمولات الباهظة التي يتقاضاها السماسرة في صفقات أقرب للفشل من النجاح منذ يومها الأول. لا لشيء، ولكن لكون الصفقة زادت فيها نسبة المخاطرة لقلة البحث في جدواها قبل إبرامها.
كثيرة هي تلك الوظائف التي من الممكن استحداثها في الهيكل الإداري للأندية، والتي بالتخصص فيها، والبعد كل البعد عن التطوع للقيام بها، ستكون ذات فائدة ملموسة وحقيقية.
انتهى زمن الهواية للاعبين، وأصبحنا في زمن الاحتراف، والآن يجب علينا (فعلاً لا قولاً) أن يصبح من يدير هؤلاء المحترفين محترفًا في المقام الأول. التوظيف الكامل، والرواتب المجزية، وتعيين ذوي الاختصاص، كلٌّ في مجاله، هو الطريق الأوحد للوصول لمشارف احترافية حقيقية، نحلم بها، ولا نحاول اللحاق بها على أرض الواقع.
خاتمة
ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر
إني أرى من ذوي الأبصار عميانا
(إيليا أبو ماضي)