إن كلمة الحب في أذهان العديد منا تحيره وتشغله والشيء الغريب أننا لا نستطيع أن نتوصل إلى تعريف محدد لتلك الكلمة ولذا نشاهد الخلط العجيب بين أمور متعددة لا تمت بصلة إلى الحب.
فقد يفسر البعض أن العاطفة الأخوية تعتبر حباً. والواقع أن الإنسان يحب لمجرد الحب دون أن يكون هناك أي مبرر للحب سوى الحب نفسه فالحب في حد ذاته حاجة إلى الطرف الآخر فهو يبدأ بدون مبررات تذكر, والحب ليس عملية اختيارية أو انتقائية لبعض التصرفات والطبائع بل هو انتخاب إجمالي فالمحب يتقبل شخصية محبوبه بأكملها ويكون تلقائياً غير مشروط.
إن الصداقة بين الناس تفرض الوساطة أو الاتصال غير المباشر - أما الحب في الصميم فهو تلاقي ((الأنا والأنت)) دون وساطة. فالصلة بين الأنا والأنت تفرض الألفة حتى تسقط معها كل الحواجز وتكون صلة مباشرة. وإلا فهل يمكن أن نسلم بأن يحضر الحب على أعقاب توسط فرد ثالث فيقيم الجسر بين الأنا والأنت.
فالسؤال الذي يطرح نفسه على القارئ الكريم لماذا يحب المرء؟
فهذا ليس من السهل الإجابة عليه فالواجب على كل إنسان منا أن لا يبالغ كثيراً إذا قلنا إن الحب هو أخطر حدث في حياة الفرد لأنه يمس شخصيته وجوهر وجوده الباطني والحب ليس سراً وشعراً فحسب, بل هو أيضاً حياة مشتركة وجهدٌ متآزر ومسؤولية متبادلة.
فالحب في ديننا الإسلامي العظيم - كما قال نبي الرحمة محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه ((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف))
فإن الحب والكراهية تابعان للإدراك وهما ينقسمان بحسب انقسام القوة المدركة التي هي الحواس الظاهرة والحواس الباطنة.
فالحب ينقسم إلى أقسام متعددة أهمها ما يلي:-
1- حب الإنسان لنفسه لوجوده وبقائه وهو أقوى أقسام الحب.
2- حب الإنسان لغيره وذلك لأجل أنه يتلذذ منه.
3- حب الفرد للغير وذلك لأجل المنفعة والإحسان إليه وقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.
4- فالمرء مجبول على حب الأنبياء والصالحين.
5- فالإنسان يحب من يشاركه في وصفه وصنعته وعمله وحرفته, والسبب في ذلك الأمر الاشتراك في الوصف والصنعة.
6- محبة المتقاربين والمتشاركين كمحبة الأخوة والأقارب والأحبة - ومحبة الأخوان أشد من محبة أبناء الأعمام على سبيل المثال.
فالواقع أن المستحق الحقيقي للحب هو الله سبحانه وتعالى خاصة وأن جميع أسباب الحب مجتمعة في حق الله تعالى ولا توجد في غيره حقيقة.
وخلاصة القول :-
إن الحب من الأمور التي جعلت العلماء والفلاسفة منذ القدم وحتى عصرنا الحالي في حيرة من أمرهم.. ومن سر جمال الحب وعظمته إلا في غموض وما يحدثه في الأمة من انقلاب جذري يدفعهم نحو التفاؤل والسعي إلى الأفضل والأحسن بشكل كامل ومثالى..
والله الموفق والمعين..