دعم الشاب والتشجيع على الزواج يكون بمجموعة من السياقات في العطاء، إما مباشرة (ظرف ليلة العرس)، التكفل بالأثاث قبل العرس، وقد يكون مناسباً توزيع رقم حساب المعرس في عصرنا الحالي ولاسيما مع تعدد وسائل وتطبيقات الدفع والتحويل فأنت لا تحتاج سوى رقم جوال المستفيد، وهذه العانية شكل قوي ظاهر من أشكال التضامن والترابط والتواد بين الناس ولو بالقليل.
أما تطوير أساليب العانية ومفهوم التعاون فقد بات ضرورة حتمية وأهمية قصوى في أيامنا هذه..
وفي سياق هذا الحديث: سؤال العلامة ابن باز -رحمه الله- عن العانية وتسجيل البعض لمن يدفع لردها له في زفافه.. فذكر؛ لا حرج في ذلك إذا كانت عادة عندكم لا حرج، الحمد لله؛ لأنه من باب المساعدة، والتعاون على الخير، وهذه عادة بين الناس مواساة للعريس بالمال، وبغير المال من الأشياء الأخرى، كل هذا تختلف فيه عادات الناس، هذا يدفع دراهم، وهذا يدفع أشياء أخرى.
فالمقصود أن هذه العادات لا حرج فيها في التعاون على الخير على البر والتقوى، ولا بأس إن شاء الله، نعم.
وقد رأيت هذه السَّنة الحسنة في كثير من زواجات الأصدقاء من القبائل في البادية والحضر.. بل إنها في بعض المجتمعات تكون بطريقة جماعية جميلة محببة تشكل مظهراً من مظاهر الدعم المعنوي والمادي وإضافة هيبة وحضور ضافٍ لراعي الحفل «العريس» ليبدأ حياة زوجية سعيدة هانئة تتيح له التفرغ لبناء بيته ورعاية عائلته وسط دعم واحتواء من أهله وذويه وأصدقائه..
وأكاد أجزم أنه لن ينسى من وقف معه وساعده بتشريف الحضور والبذل كلاً بحسب استطاعته..
وأني والله لم وإن أنسى ما قدمه لي «ماجد قدح -رحمه الله» صديق شقيقي الأكبر في ليلة زواجي وكيف كان أثرها الإيجابي الجميل في نفسي.. وقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلِق»، أو كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم.. وكما يقال في الأمثال: لا تحقرنّ صغيراً فإن الجبال تُبنى من الحصى. ويقول الأولون: الزير تسنده النواة، في إشارة لأهمية الحث على عدم التقليل من أي شيء مهما كان بسيطًا، فربما يكون له فائدة وأهمية لا نعلمها. وإني أغبط ممن ما زال على هذه السنة الحسنة التي تنم عن كريم السجايا وكبار الهقاوي في نفوس جُبلت على العطاء والبذل وهي سجيةٌ يحبها الله ورسوله ونبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم مثلٌ لا يضاهى، وقدوة لا تسامى في الجود والكرم، فقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبه للعطاء؛ إذ كان يعطي عطاء من لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه؛ ثقة بعظيم فضل الله، وإيمانًا بأنه هو الرزاق ذو الفضل العظيم. والكرم والجود والعطاء من كمال الإيمان وحسن الإسلام. ودليل حسن الظن بالله تعالى. ومن الكرامة في الدنيا، ورفع الذكر في الآخرة، فالكريم محبوب من الخالق الكريم، وقريب من الخلق أجمعين. فلنحيي هذه السنة الحسنة وننشرها بين الأقارب والأصدقاء ونعزم ونجهز ظرف العانية لأقرب زواج نحضره.. وليستشعر كل من يحضر زواج أن يقدم ما تجود به نفسه من مال في ظرف ويقدمه للعريس.. ولا يصتصغر أي مبلغ فهو أفضل من المنع وهو من البخل في النفوس الشحيحة!. فالعطاء صفة الله عز وجل.. وهي من شيم الكبار الكرام.. فهنيئاً لأهل النفوس السخية والأيادي الكريمة هذا السلم الرفيع.. ومزيداً من العطاء..
** **
sh1ksa@yahoo.com