قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته).
الأبناء والبنات نعمة من رب العباد، قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا} (46) الكهف.
وهذه النعمة تحتاج إلى شكر وعناية ومجهود، فالطفل يولد وعقله صفحة بيضاء، تغرس فيها الأسرة والمدرسة والمجتمع المبادئ والأخلاق التي ترسم خارطة الطريق لمستقبله وتجعله من الأفراد المؤثرين والناجحين في مجتمعهم، النافعين لأنفسهم ولغيرهم، الملتزمين بالآداب والقوانين والأنظمة التي تفرض عليهم، والتي تحفظ لهم حقوقهم وحقوق غيرهم وتجعلهم قدوة حسنة لغيرهم من الشباب.
لذلك من المهم أن نزرع في أبناءنا ما يلي:
1- أن المقياس الأساسي للمفاضلة بين البشر هي التقوى قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} بمعنى أن أكرمكم أيها الناس عند ربكم, أشدّكم اتقاء له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.
2- الأخلاق هي الركيزة الثانية والتي تقوم على احترام الآخرين وخصوصاً الأقارب وزملاء العمل كباراً وصغاراً، وتوضيح الحدود العامة في التعامل معهم، بعدم التنمّر عليهم والعطف والرحمة لهم وغرس روح التسامح ومحبة الآخرين لتسلم صدورهم من الكراهية والغل والحسد والحقد، ليصبح ذا شخصية راقية (هادئ الطبع، بطيء الغضب، متزن الشخصية، محباً لنفسه ولغيره، ساعياً لجمع الشمل بين أقاربه وبعيداً عن زرع الفرقة والكراهية بينهم).
3- نبذ العنصرية وزرع مبدأ المساواة بين البشر وأن المفاضلة بين البشر تقوم على حسن الخلق وليس على اسم العائلة أو القبيلة أو المدينة أو المنطقة (دعوها فإنها منتة).
4- البعد عن زرع الشجاعة الخاطئة في نفوسهم عن طريق الألفاظ أو الممارسات التي تؤجج نزعة الشر والعنصرية مثل: (العين الحمراء)، (خلك أسد)، (خلك ذيب)، (لا تصير دجاجة)، (خذ حقك بيدك)، (خذ سلاحك فأنت البطل الذي لا يشق له غبار)، (لا تحترم القوانين ولا الأنظمة)، (لا تصير رخمة)، (لا تصير مفهي)، (أنت أفضل من الآخرين)، (عائلتنا هي رقم واحد)، (قبيلتنا هي الأفضل)، (مدينتنا هي المدينة الفاضلة)، (منطقتنا هي التي تحتل رقم واحد في كل شيء)، وهلم جرا من العبارات والأفعال التي تجعل الابن لا يرى الآخرين بطرف عينه، وتتضخم لديه (الأنا) و(الأنانية المقيتة) فيصبح همه هو الدفاع عن نفسه وكأنه على جبهة حرب مع أسرته ومع المجتمع غير مسيطر على انفعالاته ولا يستطيع حل مشاكله بهدوء وروية، وبذلك نصنع شخصية عدوانية لا تهنأ براحة بال ولا بطيب عيش، شخصية حاقدة وناقمة على من حولها، لذلك يتفاجأ الأب بنتيجة تربيته وما غرسه في عقل طفله ولن يجني ثمار ذلك إلا خيبات الأمل والألم في من التصرفات غير المسؤولة من الأبناء.
4- التربية على حفظ حقوق المسلم وأن يكون الآباء والأمهات قدوة حسنة لأولادهم والاقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم فقد توّج النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بالتذكير بحرمة المؤمن فقال: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)، فالمسلم مأمور بالحفاظ على حرمات المسلمين، وصيانة أعراضهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يحل له أن يصيب من ذلك شيئاً بغير حق.
5- زرع الثقة في أنفسهم وتوجيههم نحو تحقيق أهدافهم السامية وتشجيعهم على الانخراط في أعمال الخير والتطوع والمبادرات المجتمعية وممارسة الرياضة وممارسة المهارات الحياتية الأخرى.
وفي الختام نسأل الله التوفيق لشبابنا وشاباتنا فهم عماد المستقبل وبناة الوطن وأن يحفظهم من كل مكروه وشر وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.