صدر حديثاً كتاب جديد بعنوان: «ذو النورين أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رجل تستحي منه الملائكة» للأستاذ الدكتور/ عبد العزيز بن إبراهيم العُمري، ويبلغ عدد صفحاته «492» صفحةً، وهو الكتاب الثالث في سلسلة يسرها الله للدكتور عبد العزيز العُمري عن خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشدين- سبقه كتابان عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-. ويقول المؤلف عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، صحب الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة وكان من ألصق الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- في بيت النبوة بمكة بحكم مصاهرته-رضي الله عنه- للرسول صلى الله عليه وسلم في بنته رقية -رضي الله عنها- في حينه عرف -رضي الله عنه- بشرفه وتجارته وسخائه وكرمه، وهو من وجهاء قريش وأشرافها. هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقية-رضي الله عنها-، ثم هاجر معها -رضي الله عنها- إلى المدينة، رزق منها بعبد الله بن عثمان، وبه كُني، توفيت رقية -رضي الله عنها- فزوجه من بعدها بأختها أم كلثوم -رضي الله عنها-، كان سنداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، رجل تستحي منه الملائكة، بشره الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في أكثر من موضع أوقف المياه على المسلمين في المدينة المنورة، وسع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، كان سنداً لأبي بكر -رضي الله عنه- أثناء خلافته، وسنداً لعمر -رضي الله عنه- من بعده. ذو مال نفع الله به رسوله والمسلمين، جهّز جيش العسرة وأوقف الأوقاف، استخلفه -صلى الله عليه وسلم- على المدينة في بعض غزواته، كما رافقه -صلى الله عليه وسلم- في غزوات أخرى، وكان نعم المستشار والمعين لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ومن بعده لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. تولى الخلافة بعد عمر -رضي الله عنه- بشورى من المسلمين، فبايعه الصحابة -رضي الله عنهم- ومنهم علي -رضي الله عنه- فأحسن الخلافة، وأدار دولة الإسلام، ووسعها وفتح مناطق جديدة نشر فيها الإسلام، وقضى نهائياً على مملكة فارس، استمر في سياسة عمر-رضي الله عنه- المالية في العطاء والدواوين، وزاد في أعطيات الناس، ووحد الناس على نسخة واحدة من المصحف مراجعة ومقرة من الصحابة -رضي الله عنهم- وعممها على الأمصار، فوحد الناس على كتاب الله له المحفوظ بلا خلاف، كان خطيبًا وَمُعلِّمًا وقاضيًا، حكم اثنتي عشرة سنة،هو أطول الراشدين حكمًا، سخي باذل معطاء، بقيت له أوقاف في المدينة إلى وقتنا الحاضر. كان عثمان -رضي الله عنه- بحق - الخليفة المظلوم الذي افترى عليه بعض الأولين وأولوا، ولم ينصفه المتأخرون -رضي الله عنه-.
قتل -رضي الله عنه- شهيدًا مظلومًا في داره من قبل أهل الفتنة، ولم يستسلم مباشرة، فقد دافع عن نفسه ودافع عنه من حضر حصاره من الصحابة -رضي الله عنهم-، واستعان بالولاة الذين لم تصل نجدتهم في الوقت المناسب، فصرف المدافعين عنه بعد جرح وقتل بعضهم، رافضًا أن يصاب معه أحد، مؤثرًا للآخرين الذين كانوا على استعداد للدفاع عنه، ولعلمي بظلم قتلته -والكلام للدكتور العُمري- لم أتابع ما أخذوه عليه، حيث لم يكن الحق مطلبهم، ولا الإنصاف هدفهم، فرأيت الإعراض عنها مع أنني تتبعت بعضها ولم أجد فيها ما يستحق المتابعة، وهذه المآخذ لا ترقى إلى أي درجة من الحق لتناقش بدقة. ويضيف د. العُمري قائلاً: من وجهة نظري -كي يتم بحثها مع أنه ردَّ عليها الكثيرون في مؤلفات اتسمت بخصوصية مناقشتها لتلك المآخذ بحثت في الروايات عن عثمان -رضي الله عنه- فوجدت انتقائية عند من يتهمه، ومنهجًا بعيدًا عن العلم الحقيقي، فالله المستعان.
مشيرًا إلى أن الأمة عاشت بعد استشهاده فتنًا كثيرة انطلقت من تلك الحادثة إلى يومنا الحاضر عانى منها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وبقية الأمة، حدت من انطلاقتها لفترة معينة، ثم عادت لتلك الانطلاقة بعد حوالي ست سنوات من تلك الحادثة. وأبان د. عبدالعزيز العُمري في مؤلفه: إلى أن الرواة والكتاب تطرقوا لعثمان -رضي الله عنه- فنجا بعضهم وهلك آخرون ممن شارك ولو بعد قرون في اتهام عثمان -رضي الله عنه- ذاك الصحابي المزكى والمبشر بالجنة منه -صلى الله عليه وسلم- وهو لا ينطق عن الهوى، مشدداً على أن تتبع الروايات وتدقيقها يثبت سلامة عثمان والصحابة -رضي الله عنهم-، وصحة موقفه، وهلكة أهل الفتنة ممن قتله أو رضي بذلك، رضي الله عن عثمان ذي النورين صهر رسول الله وصاحبه وقريبه، الخليفة الثالث صاحب الفتوح البرية والبحرية -رضي الله عنه-، وأصلح الله حال الأمة والله المستعان. الجدير بالذكر أن للأستاذ الدكتور عبدالعزيز العُمري جهودًا علمية متميزة في داخل المملكة وخارجها من خلال المشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية، واللقاءات وورش العمل، إلى جانب الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، وله «56» كتاباً مطبوعاً، و»40» بحثاً علمياً منشوراً.