كم هي جميلة ذكريات الطفولة، فالجميع لديه تلك الذكريات، إنها حالة من الحنين تداعب مشاعرنا وجزء لا يتجزأ من ذاكرتنا، فلا أحد يستطيع اختراع طفولته أو شراءها من محلات لبيع الألعاب.
تلك الذكريات العتيقة التي أتكئ عليها وكأن حديثاً و وشوشات تدور بيننا، تشققات الجدران في أركان البيت تروي حكايات قديمة وجديدة لرحلة البناء والدفء والحنان، خيوط العناكب تقرأ شيخوخة الجدران والنوافذ والأبواب.
كنا صغاراً نلهو ونلعب ولا ندري ماذا تخفي لنا الحياة في الأيام القادمة، كنا نلهو بالحياة، دون أن نعلم أنّ الحياة ستلعب بنا عندما نكبر.. ترسّخت حارتي في عقلي وقلبي وعيني، كان الطعام يسكبه الجار لجاره، الجيران يتعاطفون، فرح واحد يخص الجميع ، والحزن مشترك.
واليوم أنني كبرت، ولكن بذرة في داخلي لم تنم، حتى الآن أشعر بأنني طفل، اشتقت لأيام طفولتي، ومن منا لا يشتاق، أتمنى ألا أكبر مع السنوات وأعيش عند والدي، حتى الآن ذكريات الماضي موجودة في داخلي، واشتقت لأيام طفولتي ،لقد أعادني بالذاكرة إلى أيام طفولتي، إلى أيام خلت ومضت كومض البرق.
هي لحظة خاصة جداً أعيشها الآن، لحظة تعيدني إلى سنوات بعيدة جداً.
أتذكر حتى اليوم، أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة، حيث أوصلني إليها والدي رحمه الله، كان يوماً مميزاً في حياتي وذاكرتي.
وكنت خائفاً إلى درجة الرعب، كنت طفلاً نحيلاً كشمعة تنوس حتى تكاد تنطفئ مع كل هبة ريح، وكان الاحتماء في حضن والدي ووالدتي يقي هذه الشمعة من الانطفاء.
واليوم، أحاول أن أنفض الغبار عن الماضي، فكم هي الصور والمشاهد التي تختزنها ذاكرتي، فأنا لا زلت أحتفظ في سجّل ذاكرتي بمرحلة طفولتي، التي لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة، إنها منقوشة على رخام المخيّلة لا تقوى عليها السنون، هي قدر لا مفّر منه، هي حالات شعورية تداعب عواطفي وأفكاري ..
فهل أنا أبقي طفلا في داخلي على قيد الحياة، فأقول كل ما أتذكره وأفكر به ، كانت أيام طفولتي ناعمة، ترعرعتُ في عائلة تحترم القيم والوفاء. هل ستعود أيام لذتي وطفولتي...؟
** **
جامعة عالية،كولكاتا - الهند