في لحظة الفقد يتوقّف اللسان وتعجز الكلمات عن التعبير ووصف الألم الذي يعتصر القلب، لكننا وبكل الإيمان لانملك إلّا أن نقف عاجزين أمام حكمته تعالى إيماناً بقضائه وقدره الراحل (أخي عبدالله)..
كان النور الذي يضيء حياتنا واليد الحانية التي تمتد للعون والروح الطاهرة التي تعيش في قلوبنا للأبد، إن الكلمات تقف خجولة أمام ما تركه فينا من أثر عظيم لكني أكتب هذه المرثية بالدموع والألم الذي يعتصر القلب راجياً أن تصل روحه إلى جنات النعيم، وأن يبقى ذكره محفوراً في قلوبنا ما حيينا لقد وافته المنية يوم الاثنين 6 يناير 2026.
ولما له من القبول والحظوة عند النَّاس؛ وما وجدوا فيه من الخير والصلاح ومكارم الأخلاق، حضر لتشييعه جمع غفير من أهل الرس وعموم الأقارب من شتى ربوع مملكتنا الغالية، ولا غرابة فى هذا الترابط الذي يجمع أسرتنا ترابطٌ آثاره متجذّرةٌ من الأجداد والآباء إلى الأبناء والأحفاد، يتوارثونه بما حوى من أخلاقٍ حميدة وحسن سلوك، وتوقير الكبير والعطف على الصغير.
كان أخي الفقيد الراحل هادئ الطبع، كريم النفس،صبوراً عفيفاً، بعيداً عن القال والقيل، لم نسمع عنه فى بيته أو مجلسه كلمة فحشٍ أو إنقاصٍ لأحد، بل كان مسلماً مسالماً، فسلم الناس من لسانه ويده، واطمأن الناس إلى أخلاقه واستقامته، وحسن معشره مقرّين بنبله، لذا احبوه واحترموه وأجلّوه، ورأوا فيه القدوة الصالحة، عفيف اللسان، رفيع الأخلاق، مع تدينٍ وصلاح، طويل البال رحب الصدر، بالرغم من تقلب الأحوال بما ابتلي به في نفسه بمشيئته سبحانه صابراً محتسباً راضيا بما قدّره الله، ولعل عوضه عند الله عندما لا ينفع مالٌ ولا بنون.
ترك المرحوم الدراسة وهو في الصف الخامس الابتدائي رغم شدة لوم أهله وأقرانه وأصحابه واستغرابهم لتوقفه عن الدراسة فهو من أفضلهم تميزاً وذكاء، لكنه فضل العمل على الدراسة، وسافر إلى الظهران وعمل بشركة (التابلاين)، ثم عاد بعد مدة إلى الرس وتزوج وزاول الأعمال الحرة فصب الله له رزقاً واسعاً جعل للقريب والمحتاجين المتعففين وغيرهم نصيباً منه، وكان سعيه حثيثاً في الطلب لهم وتفقد أحوالهم ورفع حاجة من لا يستطيع رفعها للمسؤولين (فخير الناس أنفعهم للناس) لكونه ذا وجاهة ومسموع الكلمة عند كل من يعرفه أو يتعامل معه أو حتى من يسمع عنه.
وكان -ولله الحمد- متمسكاً بدينه وثوابته قولاً وعملاً ومتميزاً بأخلاقه الفاضلة وسعة مروءته.
وثقته بنفسه كبيرة كما كان -يرحمه الله- سريع البديهة وذا حدس قوي يبهر الجميع بحسن كلامه ودعابته، فلا يتضايق أحد من حديثه، ولا يمل منه مهما طالت الجلسة ويدرك متى يتكلم ومتى يصمت.
ومن مناقبه -رحمه الله- أنه يكره تتبع عثرات الآخرين، ويحمل الأخطاء على الخير لا على الشر، ويعبر عن رأيه بحرية كاملة دون الإساءة إلى أحد ولا يجبر الآخرين على الإيمان برأيه أو ينتقد من يخالفه.
وخلاصة القول إن شخصية أخي عبدالله مميزة ومحبوبة، ومتكيف مع نفسه إلى أبعد الحدود، ويتمتع بقدرة كبيرة في التأثير على من يوجهه أو ينصحه وحتى مع من يستعين به لمساعدة محتاج، ويصاحب حديثه بعض الكلمات الفكاهية اللطيفة المضحكة.
غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته.
والحمد لله على قضائه وقدره.
** **
- محبكم/ محمد بن دخيل المالك