صورة المسألة: يأكل قوم الحمام الصغير بعظامه، ويأكل بعض البادية الجربوع بعظامه، هل يجوز ذلك.
وكذا لو طحنت عظام ما يؤكل لحمه ثم أكلت، هل هذا جائز؟
يجوز أكل عظام ما يؤكل لحمه، كما يأكل من قدم له لحم طير مشوياً، فأكل اللحم والعظم منه جاز، وذلك لما يلي:
1 - لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وما ذبح بالطريقة الشرعية من أنهار الدم وذكر اسم الله عليه من البهيمة- لحماً وعظماً- فليس بميتة.
2 - ولقوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ).
فلما حرمت الميتة والدم المسفوح من الميتة أو غيرها، دل على جواز ما عداهما من البهيمة، والدم المسفوح مقيد للآية السابقة في عموم الدم.
3 - ولقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: (هو الطَهور ماؤه الحل ميتته).
فيشمل ذلك جميع أجزائها من اللحم والعظم.
4 - لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل) وهذا يدخل فيه اللحم والعظام.
5- فإن قيل يشكل على هذا ما رواه مسلم في صحيحه أن الجن سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم. وما في سنن الترمذي مرفوعاً: لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن. صححه الألباني.
فالجواب:
أ- قبل أن يقع في أيديهم فالإنسي أولى به.
ب- وكونه جائز لهم بعد حيازته لا يمنع جوازه لنا.
ج- وإذا كان جائزاً لهم فنحن من باب أولى بمنفعته.
د- ولا يعني جوازه لهم عدم جوازه لنا.
والله أعلم.
** **
د. محمد بن سعد العصيمي كلية الشريعة جامعة أم القرى / مكة المكرمة