نتوق أن يفرح روادنا بالاحتفاء بهم وإعلان حبنا لهم وهم بيننا في تمام عافيتهم.
إن جوانحي تتطرَّز بالجذل عندما أجد تكريماً أو تقديراً هنا أو هناك لأحد رموزنا الثقافية الشامخة. وآخر من أسعد مشهدنا الثقافي تكريم الأديب الموسوعة الشيخ محمد العبودي حيث احتفى به نادي الرياض الأدبي بحراكه الشامل والمستمر بجهود مجلس إدارته ونشاط رئيسه المتميز عطاء وخلقاً د/ عبدالله الوشمي، حيث فاز معجم الشيخ محمد العبودي: ((الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة)) بجائزة كتاب العام في النادي، وكنت أتطلع لحضور مناسبة هذا الاحتفاء بكتاب ((سيوطي العصر)) - كما أطلق عليه د/ خوجه - ولكن مع الأسف ارتباطي بمناسبة سابقة حال دون ذلك.
إن الشيخ الرائد العبودي شعر بالسعادة رغم تواضعه المعروف وهو يحظى بالتكريم في السنوات الأخيرة بعد أن تم اختياره شخصية العام الثقافية بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة ثم تكريم نادي الرياض له، وكنا قد نسينا هذا الرجل المعطاء عقوداً..!.
إن الشيخ محمد الذي نذر نفسه للمعرفة والكتاب والعطاء الموسوعي أهل لتقدير وتثمين جهوده وبحوثه فضلاً عن أن في ذلك تقديراً وسعادة لمحبيه ومريديه.
إن الإنسان الباذل يتوق إلى أن يشاهد الأوسمة على صدره لا على قبره - كما عبرت الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي -.
هناك هامش آخر على متن هذا التكريم المؤسساتي ألا وهو أن التكريم يجب ألا يأتي فقط من المؤسسات الرسمية بل كم هو بهي ومضيء عندما يجيء من الأفراد من عارفي فضل هؤلاء الرواد سواء تلامذتهم أو مجايليهم، وإنني هنا أحيي أخي الفاضل د/ محمد المشوح لوفائه لشيخه وشيخنا وعنايته بعطائه وحفز هذا الرائد على طبع ونشر بحوثه القيمة، ومثل ذلك ما فعل الباحث أ/ محمد القشعمي في ملازمته للشيخ الأديب عبدالكريم الجهيمان: اعتناء بمؤلفاته وحفزاً له على حضور المناسبات الثقافية وإسهامه فيها، وأستشرف أن يقتدي بهذين النبيلين كل تلاميذ وعارفي فضل الرواد فيسعون إلى تكريم أساتذتهم الرواد بإعانتهم على نشر كتبهم، وبالتقدير المعنوي لهم.
ختاماً: إني أدعو من ((منبر الثقافية)) أن تبادر كل أنديتنا الأدبية بالاحتفاء برموزنا وبخاصة الكبار سناً وعطاء قبل أن يغادروا دنيانا أو ينالهم وهن الشيخوخة فيغيبوا عنا وهم معنا.. لنتعاضد أفراداً ومؤسسات ولنضع الأوسمة على صدورهم لا على قبورهم..!.
الرياض