ما إن تذهب إلى أحد الصالونات الأدبية ممتطياً صهوة الفأل وحاملاً شهوة التعلم والازدياد حتى تجد الحضور يملؤون القاعة أو يوشكون وعندها تشعر باعتزاز كبير فأولئك هم قومك الذين سعيت لهم بإصرار كبير.
وما إن تمر بضع دقائق حتى تصدمك النتائج فعن يمينك شخص يغط في نوم عميق وربما أزعجك بشيء من الشخير وعن شمالك شخصان يتبادلان الحديث بصوت غير منخفض تماماً فيفسدون عليك ألق الأمسية وجمال الضيف المتحدث وعمق الطرح.
وبعد نهاية الأمسية يفاجئك هذا وهذان بتعليق حول الأمسية واللقاء المفتوح ويكون على غرار:
كان الطرح متواضعاً ولم يوفق الضيف كثيراً في نقاشه وتعليقه
أو: كانت أمسية رائعة وقد سعدنا بها.
لست أعلم بما سعدوا؟ أبالنوم العميق أم بالثرثرة؟
وواضح أنهم تبادلوا نقاشاً مع أحد الحضور فوهبهم تعليقاً قاموا فوراً بتبنيه واعتماده دون أدنى تردد.
هنا يثور السؤال: أهذا هو وسطنا الثقافي؟ أهؤلاء هم مثقفونا؟
وللحقيقة فهناك رجال قدموا محتفظين بأدبهم وأثروا كما أُثروا وأفادوا كما استفادوا وللحقيقة أيضا فهم الشريحة الأكبر.
أتساءل -وحق لي- لم جاء الذين حضروا للنوم؟ ولم حضر الذين حضروا للثرثرة؟
ومن المضحكات أنه في أحد الصالونات أزعجنا شخصان بحوار استمر طيلة الأمسية فما كان يقول أحدهم للآخر؟
كان مما قال: لدينا صالون أدبي آخر في الرياض وإن شاء الله سنذهب له قريباً.
ووالله لولا الحياء لتداخلت معهم وقلت أريحوا مطيتكم ولا تذهبوا.
الفضول الثقافي سلوك حميد يهدي إلى الرشد لكن إفساده بالابتعاد عن الجو العلمي والثقافي خطأ كبير ولذا فأنا لست ضد أولئك الذين يحضرون دون وعي كبير في محاولة لرفع مستواهم العلمي وتحصيلهم الثقافي ووعيهم المعرفي فهذه هي سبيل العلم ولكني أستاء من سوء توظيف ذلك الحضور.
كنت أنوي أن أجعل أحد الصالونات نموذجاً لهذا المقال ولكني خشيت أن يفهم الأمر بشكل لا أحبه ولذا فقد جاء الكلام تعليقاً مفتوحاً.
الرياض