أثار تصريحي الصحفي المنشور بجريدة الوطن بعددها (3617)، يوم الأربعاء 15-9-1431هـ، وبالصفحة (29)، تحت عنوان: (كاتب يصف تكريم أدبي مكة للمؤرخين بالمحاباة ويطالب الإدارة بالرحيل)، ضجة ثقافية ومجتمعية، وجاءتني كثير من الاتصالات والرسائل الهاتفية تسألني عن أسباب (الاعتراض) على تكريم البعض ممن كرموا من قِبل نادي مكة الثقافي الأدبي يوم 12-9-1431هـ، وطلب البعض أيضاً توضيح الأسباب للمجتمع؛ حتى يتفهموا أسباب اعتراضي، وأراد الكثير والكثير تفسير لماذا (اعترضت).. وما هي خلفية المجاملات والمحسوبيات التي أشرت لها، فقلت لهم: لي أسبابي الموضوعية وراء ذلك، سوف أوضحها في هذا المقال. وظن البعض بي (ظن السوء).. بأن تصريحي واعتراضي كانا بسبب عدم تكريمي، فأقول لهم، وبكل ما أملك من شجاعة وجرأة وصراحة، إنه أحد الأسباب الرئيسة؛ لأن مؤلفاتي وإنتاجي عن مكة المكرمة وشؤونها وعلومها وفنونها وتاريخها تجاوزت (47) كتاباً، وأفتخر بأنني وضعت وكتبت كتباً عن مكة المكرمة لم يسبقني إليها أحد من المؤرخين والأدباء والكتاب. ويكفيني فخراً واعتزازاً أنني تعرضت لأزمات بسبب الكتابة عن مكة المكرمة وشؤونها، فأنا أولى من غيري بالتكريم، وهذا حق مشروع لي، ولا أستحيي حين أطالب بحقوقي المشروعة؛ تماشياً مع مقولة أبي حامد الغزالي: (أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق).
ونزولاً عند رغبة أولئك البعض أسير إليكم بهذا المقال للتوضيح وكشف الحقائق بعيداً عن الطعن في الجهود العلمية أو الثقافية أو الأخلاقية لأي اسم يرد ذكره في هذا المقال؛ لأنني سوف أكتب بموضوعية جادة جداً. لقد انتهى ورحل زمن (سكتم بكتم).. و(الصمت على الفساد).. وزمن (تطييب الخواطر).. على حساب المصلحة العامة والمجاملات والمحسوبيات تسيء عادة إلى المشهد الثقافي في حالة تمركزها وسيطرتها وبروزها كوضع نادي مكة الأدبي الثقافي، ومن تلك الأسباب التي دفعتني للاعتراض هي:
1- أنا صاحب فكرة تكريم وتقدير رجالات ونساء مكة المكرمة في كل المجالات، وقد تقدمت في عهد الرجل الصالح معالي الدكتور راشد بن راجح - حماه الله - بمشروع متكامل لمشروع التكريم والتقدير حيث قدمته بخطاب بتاريخ 15-8-1425هـ، وذلك أثناء فعاليات وأنشطة مكة المكرمة عاصمة الثقافة حين كنت عضواً باللجنة التحضيرية، ونصه هو الآتي، ولكن أرجو من القارئ من البداية التركيز الجيّد أثناء القراءة؛ لأنه سيجد أن الكثير من الذين كُرّموا تلك الليلة ذكرت أسماءهم في خطابي المذكور أعلاه، وهم: معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالملك بن دهيش، ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، والشيخ عاتق البلادي، والأستاذ هاني فيروزي. أهدف من هذا التركيز توضيح أنني لست ضد (التكريم).. كإجراء وسلوك وفعل، ولكن اعتراضي على تكريم بعض الأسماء - في ظني - هكذا أزعم أنها لا تستحق التكريم، وسوف أوضح لكم في مقالي هذا (لماذا لا يستحقونه).. ونص خطابي لمعالي رئيس نادي مكة الثقافي الدكتور راشد بن راجح هو كالآتي:
أخي الأجل: معالي رئيس نادي مكة الثقافي الأدبي
الأستاذ الدكتور راشد بن راجح - وفقه الملك الجبار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما قبل:
أخي، سبق أن تقدمت لكم بخطاب طلبتُ فيه العمل على تكريم بعض رجال ونساء وطني الذين خدموا الشأن الثقافي المكي، وذكرت منهم معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالملك بن دهيش, ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان - حفظهما الله - وبناء على طلب اللجنة التحضيرية تكوين تصور لمقترحي هذا فأضع أمامكم هذه الأفكار:
1-: الهدف استغلال هذه المناسبة الثقافية الحضارية, التي لا تعود لمكة المكرمة مرة أخرى إلا بعد نحو (56) عاماً من الآن لتكريم بعض رجالات ونساء مكة المكرمة الذين خدموا هذه المدينة المباركة، فالتكريم والتقدير في نظري - هكذا أعتقد - له قيم وأخلاق وصفات، فإلى متى يظل المثقف السعودي ينتظر مرحلة تكريمه؟ فإن كُرِّم وهو نائم في قبره فلا لذة ولا طعم, ولا شهوة لذلك التكريم، وإن كُرّم وهو في سن متقدمة تكون مشاعره وأحاسيسه قد تبلدت وقست واسترخت، وربما سكنت وسئمت من شهوات الحياة. إذن فالتقدير يسهم في رفع المعنويات, ويرتقي بها لمزيد من الإنتاج، وهو فرصة لنشر المنافسة من أجل كسبه، وهذا حق مشروع لكل البشر، فمن يقدر الكبار الكبار فهو من الكبار، الذين قدموا لها الكثير من الإنجازات الحضارية، وسأذكر لكم أسماء كأمثلة, ولا أهدف الحصر الدقيق:
1-أ: الرجال:
1-أ-1: معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالملك بن دهيش. خدم القضية الثقافية والفكرية المكية.
1-أ-2: معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان. خدم القضية الثقافية والفكرية المكية.
1-أ-3: سعادة الأستاذ عاتق البلادي. خدم القضية الثقافية والفكرية المكية.
1-أ-4: سعادة الأستاذ عبدالله بوقس. خدم القضية التربوية والتعليمية.
1-أ-5: سعادة الأستاذ عبدالله بغدادي. خدم القضية التربوية والتعليمية.
1-أ-6: سعادة الأستاذ مصطفى عطار. خدم القضية التربوية والتعليمية.
1-أ-7: سعادة الأستاذ عبدالله عريف. خدم الشأن العام المكي, والشأن الصحفي.
1-أ-8: سعادة الأستاذ عبدالله عبدالجبار. خدم القضية الثقافية والفكرية.
1-أ-9: سعادة الأستاذ عمر عبدالجبار. رائد تعليم البنات بمكة.
1-أ-10: سعادة الشيخ سالم بن محفوظ. قدم الدعم المالي لهذا النادي، ولولا هذا الكبير لما امتلك النادي حتى الآن مقراً له.
1-أ-11: سعادة الأستاذ الأديب إبراهيم أمين فودة. خدم النادي, والقضية الأدبية والثقافية.
1-أ-12: سعادة الأستاذ الأديب أحمد السباعي. خدم النادي والقضية الأدبية والثقافية.
1-أ-13: سعادة الأستاذ الأديب أحمد عطار. خدم النادي والقضية الأدبية والثقافية.
1-أ-14: سعادة الأستاذ صالح محمد جمال. خدم القضية الصحفية والشأن العام.
1-أ-15: سعادة الأستاذ محمد أحمد بوقري. خدم الشأن العام.
1-أ-16: سعادة الدكتور عبدالله باشراحيل.
1-أ-17: سعادة الأستاذ حمزة قزاز. من الفنانين الكبار.
1-أ-18: سعادة الشيخ عبدالله محمد بصنوي. أول عمدة ببلادنا وخدم الشأن العام.
1-أ-19: سعادة الأستاذ زاهد قدسي. خدم التربية والرياضة.
1-أ-20: سعادة الأستاذ إبراهيم الجفالي. قدم المال لخدمة التعليم في مكة المكرمة.
1-أ-21: سعادة الأستاذ فيصل عراقي.
1-أ-22: سعادة الأستاذ محمد أمان من الفنانين الشباب.
1-أ-23: سعادة الأستاذ هاني ماجد فيروزي.
1-ب: النساء:
1-ب-1: شمس البركاتي.
1-ب-2: خيرية البركاتي.
1-ب-3: خديجة البركاتي.
1-ب-4: زكية مندورة.
1-ب-5: مريم فلمبان (واخواتها). مدرسة الفتاة الأهلية.
1-ب-6: د. مريم الزامل.
1-ب-7: عائشة عزيز الرحمن.
1-ب-8: د. عواطف بياري.
1-ب-9: الأستاذة فوزية إبراهيم الجفالي.
1-ب-10: د. فوزية مطر.
1-ب-11: د. رقية مندورة.
1-ب-12: د. صباح الخريجي.
1-ب-13: د. فاطمة رمضاني.
1-ب-14: د. فاطمة نجوم.
1-ب-15: د. نجلاء رضا.
1-ب-16: د. مريم الصبان.
1-ب-17: إيمان شيخ. المذيعة المشهورة.
1-ب-18: مريم الغامدي. المذيعة المشهورة.
1-ب-19: دنيا بكر يونس. المذيعة المشهورة.
2-: وضع معايير وشروط للتكريم, نستفيد بها من تجربة جامعة أم القرى أثناء تكريم الأدباء, بمؤتمر الأدباء السعوديين الثاني، مع مراعاة الفارق في أن هذا النادي مؤسسة ثقافية شعبية, وليست رسمية.
3-: يشمل التكريم:
3-أ: الرجال.
3-ب: النساء.
3-ج: الشباب.
3-د: الأطفال.
وحتى المتوفين والمتوفيات تُسلَّم الجوائز لأهلهم.
4-: أساليب التكريم:
يسلم المكرَّم الآتي:
4-أ: درع.
4-ب: شهادة تقدير بتوقيع رئيس النادي.
5-: زمان التكريم:
6-: حفل تكريم النساء يتم في مقر جامعة أم القرى أو مسرح إدارة تعليم البنات بمكة المكرمة، وتحت رعاية امرأة من الأسرة الحاكمة أو مسؤولة كبيرة.
7-: الشروط والمعايير للمكرم والمكرمة:
1-: أن يكون قد خدم مكة المكرمة في أحد المجالات أو في الشأن العام، وترك أثراً بالغاً في نفوس الناس.
2-: أن يكون له إنتاج ديني أو فكري أو ثقافي تناول فيه مكة المكرمة أو قضاياها.
3-: أن تكون له ريادة في عمل ما بمكة المكرمة مثل: أول عمدة.
8-: إرسال خطاب لسعادة المدير العام لتعليم البنات بمكة المكرمة يطلب فيه تزويد النادي بأسماء عشر من السيدات من جيل الرائدات, وعشر من الجيل الحالي اللائي خدمن مكة المكرمة في مجال التربية والتعليم؛ بهدف عدم هضم حقوق المستحقات للتقدير؛ باعتبار تعليم البنات الجهة المختصة، ونطلب ذلك بهدف الاستنارة في الرأي، وليس الالتزام بما يرفع من أسماء.
الكاتب الصحفي
عضو اللجنة التحضيرية
الدكتور: زهير محمد جميل كتبي
انتهى نص الخطاب، ومن خلاله يتضح لكم بوضوح تام أنني مؤيد ومع التكريم، وأنا من دعوت له، ولكن بعيداً عن: (النفاق الفكري).. و(المجاملة المجتمعية).. و(تطيب الخواطر).. و(الرياء الثقافي).. ووضعت شروط ومعايير التكريم. إذن يتضح للجميع (حسن النية).. و(حسن المقصد) في اعتراضي.
2-: أما عن الذين قلت إنهم لا يستحقون التكريم والتقدير فذلك راجع إلى أسباب دينية وتاريخية وعلمية.
وإذا أراد النادي تكريم المؤرخين المشهورين في جامعة أم القرى فهم كثير جداً، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: سعادة الأستاذ الدكتور عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش؛ فهذا الباحث المؤرخ أشرف على أكثر من (62) رسالة ماجستير ودكتوراه كلها عن الحرمين الشريفين، وبلغت مؤلفاته (9) كتب عن مكة المكرمة، وله أكثر من (30) بحثاً معظمها عن مكة المكرمة؛ فلماذا لم يكرم وهو الأولى؟ ثم لماذا نكرم المثقفين الأجانب في بلادنا؟ فلا أعرف أي تكريم لائق حصل لأديب أو كاتب أو باحث من قِبل المراكز أو الأندية العربية أو الإسلامية!
ورأيي هذا الرافض للتكريم كان مؤيداً من الكثير والكثير من المثقفين والكتّاب والأدباء وأهل مكة المكرمة المباركين، خاصة أخي سعادة الدكتور عبدالله عطاس نائب رئيس النادي، الذي فهمت منه أنه قدم استقالته، وكان آخر مَنْ يعلم بهذا التكريم.
وهنا أود أن أذكّر القراء بموقف ديني ورجولي فيه شهامة ونخوة وحب كبير لمكة المكرمة وأهلها المباركين، وهو عندما تقدم لنادي مكة الثقافي المترجمان: الدكتور محمد محمود السرياني والدكتور معراج نواب مرزا عام 1411هـ لكتاب (مكة المكرمة في نهاية القرن الثالث عشر الهجري) الجزء الثاني، لمؤلفه المستشرق الهولندي (ك. سنوك هورخرونيه)، وجد معالي الدكتور راشد بن راجح - حماه الله - أن في بعض أجزاء الكتاب جُملاً وعبارات وكلمات تسيء إلى مكة المكرمة وأهلها المباركين؛ فأمر بحذف تلك الأجزاء من الترجمة، وطُبع الكتاب بدونها خوفاً من الإساءة لهذه المدينة المقدسة وأهلها المباركين، هكذا هم الرجال المخلصون والمحبون لمكة المكرمة وقداستها.
وأذكر للقراء موقفاً آخر ينمّ عن حب عميق وراسخ لمكة المكرمة وأهلها المباركين، وهو أن معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالملك بن دهيش - رعاه الله - وجد أثناء تحقيقه بعض المخطوطات التاريخية المهمة عن مكة المكرمة في بعض الصفحات عبارة واحدة تسيء إلى سمعة ومكانة وقداسة مكة المكرمة وأهلها المباركين؛ فحذفها دون أن يتأثر النص التاريخي الذي وصف حياً من أحياء مكة المكرمة بأوصاف لا تليق. هكذا هم الرجال العاشقون والمحبون لمكة المكرمة الذين يدركون قداستها في نفوس الأمة.
3-: أما عن قولي: (أطالب إدارة نادي مكة بالرحيل عن النادي ومواقعهم قبل أن يتم ترحيلهم بالقوة بواسطة صناديق الاقتراع)، فأعني أن يرحل الذين جاؤوا إلى النادي عبر (برشوت التعيين).. وكما هو معروف أنني مقاطع للنادي منذ تعيينهم، وأعلنت هذه المقاطعة في الصحافة المحلية، ويكفي أن أستدل بأن النادي غير مستقر بعدد الاستقالات التي قُدّمت، ومنها استقالة رئيسة اللجنة النسائية بالنادي الدكتورة جميلة السقا، التي رفضت فضح الأمور وكشف الحقائق! وكذلك استقالة معظم عضوات اللجنة النسائية اللواتي كن من خيرة المثقفات في مكة المكرمة، منهن سعادة الدكتورة منيرة العكاس والأستاذة بثينة يماني وغيرهما، وكذلك علمت أن سعادة نائب الرئيس الدكتور عبدالله عطاس قد قدم استقالته، ويُضاف إلى ذلك استقالة أحد أعضاء مجلس الإدارة الحالي لأسباب لم تُعرف حتى الآن.
4-: أما عن قولي: (إن الاختيار للتكريم لم يتم بصورة علمية وموضوعية)، فأعني بذلك من جعل النادي كأنه قسم من أقسام جامعة أم القرى، وجعل معظم من يقدم ويلقي المشاركات والندوات من منسوبي الجامعة.. فأين دور ومشاركة المثقفين والأدباء والكتّاب والشعراء في مكة المكرمة؟
هذه الحقائق لا بد أن يعرفها المجتمع المكي والسعودي، وأن يعرف أن بعض الأندية تدار عبر المحسوبيات والمجاملات والصداقات وتلقيح المصالح وتنفيذ الغايات، وأن بعض الرؤساء غير متفرغين لها، وإنما هي جزء من (البرستيج) الاجتماعي فقط، ويدّعون في المجالس العامة أنهم يرغبون في تقديم استقالاتهم، ولكن الحقيقة تقول إنهم مستمسكون بأسنانهم بمناصبهم.
إنني أتمنى، أتمنى، أتمنى أن يتفضل معالي وزير الثقافة والإعلام في الإسراع بالاهتمام بقضايا الأندية الأدبية والثقافية.. وسرعة إخراج مشروع المراكز الثقافية حتى نرتاح من هذا (الهم).. و(الغث) الجاشم على قلوبنا.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض وساعة العرض، وأثناء العرض.
أديب وكاتب سعودي- مكة المكرمة
Zkutbi@hotmail.com