إعداد: محمد المنيف

لم تكن السريالية التي نشأت في فرنسا، ولاقت رواجاً وقبولاً في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين عنواناً أو صفة تشكيلية، إلا بعد أن لامست ما كان يوصف بها الشعر بعد الثورة الفرنسية، وإذا كنا قد تعوّدنا على هذا المسمّى إلاّ أن هناك صفة أخرى تدعى (الفواقعية) وتعني أي «فوق الواقع» ويشار في كثير من تفسيرها إلى أنها مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب، يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق، وحسب تنظير أندريه بريتون لها فهي آلية أو تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما شفوياً أو كتابياً أو بأي طريقة أخرى، وقد اعتمد السرياليون في رسوماتهم على الأشياء الواقعية تستخدم كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي. وقد لقيت السريالية انتشاراً كبيراً بلغ ذروته بين عامي 1924-1929 وكان آخر معارض السيرياليين في باريس عام 1947. واشتهر في هذا الاتجاه الفنان الأسباني سلفادور دالي (1904-1989)، واعتبر أهم السرياليين العالميين لكثافة إنتاجه.

هذه المدرسة أو النهج خصوصاً في جانب الفنون التشكيلية بعد أن وُلد في حضن الأدب، إلاّ أنه عاش أحلى صوره تشكيلياً، فكان بمثابة بريد تجاوز به الفنانون الواقع ونقلوا به رسائل العقل الباطني إلى الأعين.

لم تكن السريالية وقفاً على الفنانين الأوروبيين، بقدر ما كانت أيضا منتشرة في كثير من دول العالم، لكنها أخذت حقها من الإعلام والتوثيق والاعتراف الرسمي في فرنسا، هذا الأسلوب وجده الكثير من التشكيليين في عالمنا العربي مجالاً رحباً للتعبير مع قلة عددهم فقد تشكّلت له جماعة في مصر وفي سوريا ولم تستمر، وبرز فيه نخبة عربية لفتت الأنظار بقدرتها على تحويل الحلم أو الخيال إلى صور مرئية، اخترنا هذا الأسبوع نخبة من أبرز الأسماء التي وجدت في هذا الأسلوب مجالاً للتعبير والإبداع، ففي المملكة العربية السعودية الفنانان عبد الحميد البقشي وخليل حسن خليل هما الأبرز، وفي الكويت عبد الله القصار ومن مصر محمد رياض سعيد، كما نجد في بعض من أعمال عبد الله المحرقي من البحرين ورائد السريالية في سوريا روبير مكي.