الثقافية - عطية الخبراني
باتت مجالس العديد من الأسماء الثقافية في المملكة العربية السعودية أشبه بالمقاهي الثقافية التي يلتقي فيها المبدعون من أطياف مختلفة يطرحون فيها ما يختلج بصدورهم ويتناقشون حوله ويقضون جزءاً من وقتهم فيها ممثلين بهذه اللقاءات نخبوية تخصهم يصنعون منها الجو الملائم لطرح أفكارهم والنقاش المفتوح حولها دون قيود المؤسسات الرسمية وبروتوكولاتها الجبرية فيما يخص الموضوع أو الوقت، ومما عرف عن هذه المجالس عدم تقيدها بوقت معين، فربما تقام عند أحدهم صباحية وعند الآخر مسائية أو ربما بعد صلاة الجمعة أيضاً.
هذا وقد انتشرت مجالس للعديد من الأدباء والمفكرين وأصحاب الحظوة الاجتماعية، حيث يحدد أحدهم موعداً أسبوعياً ثابتاً لها، ومن أبرز تلك المجالس في الرياض -على سبيل المثال- مجالس الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء والدكتور سليمان السليم وزير التجارة ووزير المالية الأسبق والدكتور منصور التركي والدكتور أحمد الضبيب مديري جامعة الملك سعود السابقين والدكتور حمود البدر عضو مجلس الشورى والدكتور محمد الرشيد وزير التربية والتعليم الأسبق والأستاذ عبدالله النعيم أمين مدينة الرياض الأسبق والأستاذ عبدالكريم الجهيمان والأستاذ محمد الفريح والدكتور عبدالعزيز الواصل وغيرها كثير.
وحول هذه المجالس يتحدث الدكتور أحمد الضبيب للثقافية حيث يرى أن الكثير منها أصبح من الجدير أن نطلق عليه مسمى «مقهى ثقافي» أسوة بالمقاهي الثقافية المعروفة في بقية دول الوطن العربي والعالم أجمع.
وفي حديث متصل عن مجلسه الخاص الذي حُدد موعده بعد كل صلاة جمعة كموعد ثابت، يقول الدكتور الضبيب: يأتي الناس إلى مجلسي للمؤانسة والمفاكهة وطرح ما لديهم من أفكار ورؤى بشكل أريحي وغير رسمي، وكذلك يأتي بعضهم للسلام عليَّ والسؤال عني.
الجدير بالذكر أنه ليس هناك أي تنسيق بين أصحاب هذه المجالس فيما يخص توقيتها خشية تضارب موعدين مثلاً.
وقد عرفت المقاهي الثقافية خارج المملكة كمقام وملتقى للأسماء الثقافية لتبادل الضحكات والدعابات وربما المشاورات الثقافية والأحاديث السياسية حتى أصبح لكل شاعر كبير أو اسم ثقافي وفكري معروف مقهاه المعلوم الذي يرتاده على الدوام وبإمكان من يريد متابعته أو الالتقاء به أن يحضر في الوقت المعلوم لذاك الاسم.
ومن أشهر المقاهي الثقافية التي عرفت عبر التاريخ الحديث مقهى «دار الكتب» في مصر والذي كان يرتاده حافظ إبراهيم وتلاه الشاعر أحمد رامي كمرتاد لذات المقهى، وفي بغداد «مقهى الزهاوي» ومقاهٍ أخرى يرتادها بدر شاكر السياب والجواهري ومظفر النواب وغيرهم، وفي لبنان وعمَّان عرفت العديد من المقاهي الثقافية كذلك، وما زالت المقاهي الثقافية في السعودية بين تقبل ورفض وإقبال وإحجام عدا بعض التجارب التي تظهر على استحياء أحياناً ولم تنضج لتدخل في تاريخ المقاهي الثقافية التي عرفت في الوطن العربي، ربما لطبيعة التكوينة الاجتماعية وربما لأسباب أخرى، ويظل السؤال: هل تتبلور المجالس الخاصة في السعودية مستقبلاً إلى مقاهٍ ثقافية على نسق ما عرف من المقاهي خارجها ؟