* بين باريس المدينة وسبتمبر المناخ موعد مع العشق لا ينقطع، ولا سيتقدم أو يستأخر! تحبه باريس ويحبها، وتلبس لاستقباله حللاً من الفتنة المعروفة وغير المألوفة، وتتسربل أشجارها وساحاتها وطرقاتها.. بغلالات من عطور الفرح.. احتفاءً بمقدم سبتمبر.
****
* وقد كتبت مرة (مقطوعة نثرية) أنادم فيها بارسي، وأشاركها الفرح بخليلها الأثير سبتمبر، مستعيراً بذلك قطرات من سحائب الحب لها، بعد ن رأيت في سبتمبر أكثر من مرة (ربيعاً) بلون الورد ورائحة المسك وألق الفجر الجميل تتنافس فيما بينها حباً له، وتستفز غيرة شقيقه (الربيع) الآخر في منظومة الفصول.
****
* قلت عن باريس قبل نحو عقدين من الزمن ما يلي: (مع شيء من التصرف):
- تبقين يا باريس فاتنة أوروبا.. وفتنها.. شاء الخلق حيثما كانوا أم أبوا! ولو كان لمدائن أوروبا سباق للحسن كما لحسان البشر، لا نتخبت أنت ملكة لها.. ولسارت الحسان الآخريات في ركابك وصيفات!
****
* باريس: أي سرِّ فيك وفي عشقك ل سبتمبر عشقاً لا يبوح له إلا سحاب خريفك الجميل؟!
أما أنا فإنني لا أحبك إلا في سبتمبر، ولا أعشق سماءك ولا أرضك ولا رذاذ عطرك إلا في سبتمبر!!
لماذا؟ لست أدري.. ولا أحسب أن سبتمبر يدري، بل لا أحسب أن أياً منا يعبأ أن يدري أو لا يدري! ومن عجب أن عاصفة الحادي عشر من سبتمبر المنحوسة على الشاطئ الآخر من (الاطلانطيك) قبل نحو عقد من الزمان لم (تلوث) أمواجها الحمراء سمعة سبتمبرك.. ولا صفاء سمائه ولا عطر أنفاسه!
****
* هناك من يعشقك يا باريس صيفاً.. وهناك من يهيم بك ربيعاً أو شتاءً!
أما أنا فلا أعشقك إلا في سبتمبر! ولا أعشق سبتمبر إلا في ظلالك، فهو ربيعك الجميل برذاذه وأنفاسه التي تبوح بعطر الشوق لك.
فيه (تبعث) حركة الأبدان من أجداث الخمول الصيفي!!
وفيه تنشط القلوب بلهفة الشوق إلى ذرات الشمس الملثمة ببردة السحاب!!
****
* فيه تشهد سماؤك غزلاً حميماً بين الشمس والسحاب.. فمرة تتوارى خفراً خلف لآلي المطر، وأخرى تبتسم فترسل الدفء في القلوب قبل الأبدان!
مر عام وعام آخر وثالث ورابع قبل أن أعود إليك يا فاتنة الأرض وشاغلة الناس، أحمل بين أضلعي هتاف الشوق إليك.. وهمسات السحر على ضفاف نهرك الخالد.. وضجيج الكلام في مقاهيك، وتزاحم المناكب في جوادك وساحاتك!
****
* باختصار.. إذا كان سبتمبر في المدائن الأخرى هو إطلالة الخريف.. فهو في باريس موشح (ربيعي) الأنفاس جميل، وهو (مسك) كل الفصول.
الرياض