لا أحد يعرف ما مدى المعاناة التي تثقل كاهل الشاعر السعودي فيصل أكرم، فإنه وفي المجلة الثقافية التي صدرت في العدد (300) وبتاريخ 18-3-1431ه كتب مقالة بعنوان (الصمت القاتل) وفيها حكى قصة انتحار الشاعر اللبناني (خليل حاوي)؛ وأنا لن أوضح ماذا يريد فيصل أن يقوله عبر هذه المقالة، ولن أوضح فيما إذا كان فيصل يعشق أو لا يعشق، ولا إلى أي شيء يلوح..، أنا لن أوضح ذلك؛ لكني سأحاول أن أستنجد بذاكرتي، لأوضح صحة فرضية صديقي فيصل في أن الصمت قد يكون قاتلاً حقاً، ففي موسوعة المستشرقين وتحديداً في صفحة (265) يذكر عبدالرحمن بدوي بأن المستشرق (دوفرييه) قد مات منتحراً، وكانت الآلة التي أجهز بها (دوفرييه) على نفسه؛ هي نفس الآلة التي استخدمها خليل حاوي أثناء انتحاره، آلة المسدس، كذلك فإنه ومن الصدف أن كلاً الاثنين كانا يحلمان، فخليل حاوي كان يحلم بالزواج من فتاة عراقية كما يذكر فيصل أكرم، أما (دوفرييه) فقد كان يحلم بأن يقوم برحلات استكشافية جديدة في بلاد الطوارق وتحديداً في قلب الصحراء الكبرى، وهاتان الحادثتان كلاهما لهما علاقة بالاتصال، فالأول يريد الاتصال بفتاة، والآخر يريد الاتصال بالصحراء، والصحراء رمز فلسفي للمرأة، وإبراهيم الكوني يرمز إلى ذلك كثيراً، ألم يقل في صحفه الأولى «الصحراء: الفردوس الذي نحلم به، ولا نستطيع أن نحيا فيه»، ألم يفرد لذلك كتاباً أسماه: صحرائي الكبرى؛ ألم يعقد لذلك فصلاً عنونه ب: الصحراء لا تريد أن تتكلم.

ولكن وبعد النظر في حلم كل منهما (حاوي ودوفروييه)؛ نجد بأن الأول قد فشل في القران من حبيبته حيث هي قد لزمت الصمت، وأما الثاني فقد فشل في الاتصال بالصحراء حيث لم تلتفت الجهات الحكومية إلى هذا الحلم فلزمت الصمت أيضاً.

ترى ماذا لو ذهب دوفروييه إلى الصحراء هل سيكون سعيداً فيها، أم إنه سوف تحرقه شمسها، ومثل ذلك نقوله في خليل حاوي باعتبار الصحراء والمرأة - بحسب إبراهيم الكوني - وجهان لعملة واحدة .

بقي أن نقول بأن حاوي مات منتحراً، كما مات دوفرييه منتحراً، وهذا ليس غريباً؛ لكن الغريب أن وفاة دوفرييه كانت في العام 1892م في حين كانت وفاة حاوي في العام 1982م ونلاحظ في ذلك تشابهاً في الأرقام لا في التاريخ؛ فما عليك إلا أن تقلب الرقم 8 مكان الرقم 9 والعكس بالعكس، حيث سيظهر لك حينئذٍ تاريخ انتحار كلٍّ منهما.