الأديب عضو، من الأعضاء الفعالة الإيجابية في كيان المجتمع وصوت معبر عن معاناته وهمومه وطموحاته، آماله وآلامه التي هي معاناة الوطن وهمومه وطموحاته.
ولا بد لهذا العضو والصوت من رعاية وعناية، ودعم لضمان سلامة هذا العضو الفعال، واستمرار أدائه، والارتقاء بطموحاته لكي يتمكن من استثمار نشاطه في خدمة وطنه وأمته، ومجتمعه، ومسؤولية الدعم على عاتق المجتمع الوطن بصفته عضواً في نسيجهما.
والإنسان المثقف هو ذلك الموهوب الذي نذر نفسه للعلم والتنوير والارتقاء لإضاءة شخصيته أولاً وتأهيلها للريادة والإيثار والإصلاح والبناء، ثم إفادة مجتمعه بتلك الإشراقات التعبيرية والفكر المستنير لتوثيق عرى الانتماء والتمازج الحضاري النبيل، ولا بد للطاقات الشجرية النابضعة، المتجددة بثمار العطاء من دعم جداولها وبيادرها لتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وتوفيقه.
ولتوفير نماذج من سوانح العطاء المثلى في أجواء الملتقى الفكري والثقافي ورفع مستواه إلى الأفضل أقترح ما يلي:
أولاً: دعم البرامج والنماذج الفكرية والثقافية الموزعة في وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التربية والتعليم والحرس الوطني، ورعاية الشباب لاستقطاب الأدباء والمثقفين، ورعاية عطاءاتهم وأعمالهم، ودراسة الوضع الفكري والثقافي بما يليق به، ويرتقي بمستواه نهو الأفضل.
ثانياً: معاملة المنتج الفكري والثقافي (الإبداعي) مثل المنتج الزراعي (المزارع) بصفة كلّ منهما يغرس في أرض التنمية والبناء، فالأديب يغرس في تربة التوعية والتوجيه، والتربية، والوفاء للوطن.
ثالثاً: تقدير الشأن الاجتماعي، والعملي، والمادي الذي يعاني منه الأديب في مزاولته مهنة البحث والتأليف، والأداء في عملية الابتكار والإبداع في سبيل خدمة مجتمعه ووطنه وأمته بصفته عنصراً فعالاً ينفق وقته وجهده وماله بنماذج تختلف عن غيره، مما ينبغي أن يراعى في الميدان الإداري والاجتماعي والتعامل المهني، والوظيفي تقديراً لتوجهه الأدبي البناء الذي يعكس على واقعه ونسيج مجتمعه وأمته.
رابعاً: تفعيل المقترح الذي وافق عليه الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب قبل ما يقارب خمسة وعشرين عاماً بإنشاء (جائزة الشعر في دول الخليج العربي) لدعم مستوى العطاء الأدبي ممثلاً في الشعر العربي الفصيح.
خامساً: إعادة تفعيل (جائزة الدولة التقديرية) التي توقفت عام 1404هـ والمسارعة في ذلك أسوة بالدول الأخرى التي ترعى مثل هذه الجائزة ضمن برنامج الدعم الحكومي للفكر الثقافي والأدب بصفتها من أهم ركائز التربية والتوعية والبناء والإعلام وإنشاء عدد من الجوائز الثقافية لدعم هذا النشاط المهم في نسيج التوعية والتثقيف.
سادساً: تأسيس (هيئة عامة للكتاب) تتولى شؤون الكتاب نشراً وتأليفاً، وعرضاً ولتسويقاً أسوة بالدول المتقدمة ويكون من اهتماماتها:
أ- دعم المؤلفين والباحثين واحتضانهم، ودراسة أعمالهم، وطباعتها، ونشرها بما يتلاءم مع مستوياتها وأهميتها.
ب- الإعداد والتجهيز لإقامة (معرض الكتاب الدولي) كل عام في العاصمة في قاعة مناسبة تخصص لهذا الغرض، تحت رعاية هذه الهيئة المستقلة بدلاً من وزارة الثقافة والإعلام المشغولة ببرنامجها الإداري العملي والرقابي المزدحمين بالنشاطات والالتزامات الروتينية الأخرى، وبالإمكان الاستفادة من تجربتها السابقة في التنظيم والمراقبة والإشراف.
ج - إعداد وتنظيم البرامج الثقافية والأدبية الداخلية واستقبال الوفود الأدبية والثقافية بين المملكة والدول الأخرى، والتنسيق مع الإذاعة والقنوات الأخرى في ذلك وتكثيف البرامج الأدبية والثقافية ودعمها.
د - تغيير الأجهزة القديمة بإذاعة الرياض لتحسين مستوى أدائها وتجديد الاستديوهات التي مضى عليها ثلث قرن لم تحدث أو نقلها إلى مبنى حديث مناسب لتتناسب مع التجديد والتحديث.
سابعاً: دعم البحوث والدراسات العلمية والأدبية والثقافية بدعم وتشجيع الأدباء والباحثين بشراء إنتاجهم من قبل القنوات الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التعليم العالي، والجامعات، ووزارة التربية والتعليم، والقنوات الأخرى لضمان نشرها والإفادة منها، وضمان استمرار عطاء الأديب والباحث والارتقاء بتوجهه نحو الأفضل، ووضع ميزانية وبرنامج دائمين لهذا الغرض الحيوي المهم.
ثامناً: لفت نظر القنوات الإعلامية للتعامل الأمثل مع الباحث والأديب فيما يتعلق بالنشر والاستقطاب والاهتمام، وحفظ حقوقه الأدبية والمادية دون منّة وابتسار من خلال ذلك التعامل بما يناسب توجهه ومعاناته وحضوره وتفاعله.
تاسعاً: إعادة النظر في مكافأة (إعداد البرامج الإذاعية والتلفزيونية) وزيادتها حيث لم يطرأ عليها التغيير منذ ثلث قرن لاستقطاب ذوي الاختصاص في الإعداد والتقديم، ودعم الحركة الثقافية عبر هذه القنوات الإعلامية المهمة دعماً حقيقياً ملموساً يتناسب مع مستوى طموح المملكة وتوجهاتها الحضارية وثقلها وحضورها الأثير في المجتمع الدولي، وفي العالم، وبما يرتقي بمعنوية المثقف في مجتمعه ووطنه ليشعر بقيمته وحضوره كإنسان فعال ليندفع إلى العطاء بنشاط وحيوية نحو آفاق الابتكار والإبداع.
المهم هنا: هو تحقيق طموحات العنصر الثقافي والأدبي بما يناسب توتره الإيجابي الفعال بصفته يخدم مجتمعه ووطنه وأمته ويعد لسان وطنه في الداخل وسفيره في الخارج والمعبر عن هواجس هذا الوطن وطموحاته وآماله وحضوره الأثير.
الرياض