الثقافية - فاطمة الرومي
لا يمكن لمنصف أن ينكر ما وصلت إليه المرأة السعودية من مكانة وما حققته من إنجازات تخطت حدود المحلية إلى العالمية في مجالات علمية شتى وتأتي على رأس القائمة الدكتورة سلوى الهزاع (طب وجراحة عيون، الدكتورة هويدا القثامي (ثاني أفضل طبيب لطب وجراحة الأطفال على مستوى العالم)، الدكتورة حياة سندي (تقنية حيوية) هذا على سبيل المثال لا الحصر فالمجال لا يتسع لذكرهن في هذه النبذة.. لكن السؤال هنا هو: أين المرأة المبدعة أدبيا من هذه الإنجازات وما الذي قدمته حتى الآن وما هي الإنجازات التي حققتها عدا طباعة مجموعة قصصية أو شعرية أو فوز بجائزة أحد الأندية الأدبية؟ وهل ذلك هو فقط سقف طموحات وأحلام حواء المبدعة؟ وما الذي يعيق حواء الشاعرة أو القاصة من أن تحقق ما حققته أختها الطبيبة أو العالمة؟
حول هذه الشجون يتداخل مع (الثقافية) عدد من الأديبات والإعلاميات.
القاصة والإعلامية هيام المفلح تعترض على هذه المقارنة بقولها:
أعتقد أن المقارنة بهذا الشكل غير منصفة ، وهي ليست في صالح المرأة السعودية، مهما كان موقعها، فكل فئة من فئة النساء المبدعات في مجال ما، هن رائدات ومعطاءات في مجالهن، لو اعتبرتم - وفقا للسؤال - أن إنجازات المرأة الطبيبة أو العالمة هي الإنجازات الأفضل فلا تنسوا أن البارزات في هذا المجال يعتبرن ضئيلات العدد نسبة إلى العدد الإجمالي للسعوديات اللواتي يعملن في مجال الطب أو العلوم، وكون بعض هؤلاء النساء برزن فهل معنى هذا أن المرأة التي تعمل في مجال التدريس بجد وإخلاص لا تعتبر امرأة بارزة ومتميزة لمجرد أنها لم تحصل على شهرة تلك الطبيبة أو العالمة؟
وتضيف هيام المفلح: من هذا المنطلق أخالفكم وأجد أن المرأة الأديبة لها إسهاماتها بالرأي والإنتاج والتواجد؛ بل إن ما احفظه من أسماء بعضهن أكثر بكثير مما أحفظه من أسماء الطبيبات أو العالمات في وطننا. الأديبة تحاول خلق حراك وتكوين رأي والمشاركة في تشكيل مشروع ثقافي يساهم في تنمية المجتمع وقد حازت بعض الأسماء على جوائز عربية ودولية ولهن مشاركات عربية ودولية.
وعن سقف طموحات حواء المبدعة تضيف: أنتم وضعتم السقف المنخفض في السؤال الأول وأقريتم وجوده وصحته في السؤال الثاني !.. طبعا لا أوافقكم على هذا، بل تبقى أحلامهن وأعناقهن مشرئبة الأمام ترنو أبصارهن لأعالي القمم، يحاولن فينجحن ويفشلن ويبقى لهن شرف المحاولة والعزم على النجاح مهما طال زمن وعدد المحاولات.
فوزية الحربي القاصة والإعلامية ترى أن العيب في الإعلام وليس عيب حواء المبدعة إذ تقول:
الأديبة السعودية المبدعة موجودة داخلياً وعربياً تشارك في جميع المحافل ولها بصمتها في الأدب العربي، وقد ترجمه الكثير من الأعمال الأدبية لنساء سعوديات والتي انطلقنا من خلالها للعالمية، وأنت تسألين عن الأديبة لما ليس لها صيت كمثيلاتها بالمجالات الأخرى فأنا أقول لك هن موجودات لكن العيب في تعامل الإعلام المحلي مع الأدب بشكل عام أو بالأحرى الإعلام الأدبي إذا صح لي التعبير غير قادر على الوصول للناس وتعريفهم بالمستوى الذي وصل له الأدباء والأديبات بالبلد وتضيف:
وأما عن سقف طموحات وأحلام حواء البدعة فنعود هنا ونقول إن الأديبة السعودية رشحت لجوائز وشاركت عربيا ومحليا في دراسات أدبية ومشاركات نقدية، الأديبة إذا حاولنا ترجمة السؤال ليس مطلوب منها اختراع ذرة أو معالجة كارثة بيئية، الأدب هو الأدب القصص والروايات وغيره من الفنون التي لا تخفى على أحد وهذه بشكل عام سقف يتطلع له أي أديب بالعالم سواء رجل أو امرأة.
القاصة هناء حجازي تتفق مع هيام المفلح بقولها:
أعتقد أن السؤال غير منصف، لأن الفرق في الإنجاز بين الأدب والعلم فرق كيفي وليس كمي. بمعنى أن المعايير التي يتم على أساسها تحديد التفوق العلمي تختلف تماما عن المعايير في الأدب. الإنجاز في العلم مسألة محسومة ويمكن التوصل إليها بمعادلات واضحة، في العلم واحد زائد واحد يساوي اثنين، العلم واحد في كل العالم، الاكتشاف الذي يتم في أي منطقة في العالم ومن أي جنسية لا يستطيع أحد أن يخفيه لأنه يفيد البشرية ولا تتدخل فيه عوامل ومحسوبيات اختلاف الثقافة، في الأدب المسألة مختلفة تماما. في الأدب أنت تتحدثين لغة مختلفة، لغة ليست عالمية، كي يتم التعرف على إبداعك لابد أن يتوصل العالم إلى وجودك أساسا وذلك لن يتم سوى عن طريق الترجمة، وندخل هنا إلى عالم التواصل مع الآخر، التواصل مع الآخر ثقافياً وأدبياً وهي مسألة معقدة تبدأ من المشكلات التي يواجهها الكاتب في بلده أولا من ارتباك الساحة الثقافية وصولا إلى العالم الآخر، العالم الذي تريدين أن يعترف بالكاتبة وهو أساسا لديه مشكلة الاعتراف بك ثقافيا، وهو ليس ملوم، فالمرأة التي لا يتم الاعتراف بها من قبل بلدها ولا زالت تعامل على أنها قاصر لا يحق لها تقرير مصيرها في معظم أمور حياتها بدون وكيل أو ولي أمر، كيف يمكننا أن نطلب من العالم أن يعترف بها أدبياً، وأركز على أدبياً، لأن الأدب هو الذي يلامس هذه الأمور، أمور الاستقلال والحرية. كي لا يبدو كلامي غامضاً أو متناقضا، العلم لا يمكن عدم الاعتراف به كما قلت سابقا لأن معاييره واضحة، لكن في الأدب، أنت تحتاجين إلى عالم يعترف بك وهو يرفض ذلك لأنك لم تستطيعي بعد إثبات وجودك الفعلي كامرأة كاملة الاستقلالية.
الشاعرة نورة الخاطر لها رؤية مختلفة إذ تقول:
الأديبة المبدعة هي غالبا من صنع كل تلك الإنجازات وتلك النماذج المشرقة، والمشرفة، التي ذكرتيها في نبذتك، وذلك من خلال القراءة الإبداعية الأدبية التي تلقتها ضمن قراءاتها في المراحل الدراسية الأولى والتي تدفع إلى النجاح بأنواعه بل وتحث عليه في مراحل عمرها المتقدمة..ولعلمكم فالأدب ليس صنعة كما يعتقد البعض ولكنه هواية بجانب الصنعة والمهنة الأساسية التي يشغلها الأديب ويقتات منها مدى عمره، ونادرا ما نجد أديبا تخصصه هو صنعته ومهنته التي يمتهنها، إلا ربما فيما ندر ومن الحالات التي لا تعد مثلا يحتذى به ولا يعتمد عليها في دراسة أو إحصائية ما.
وتضيف نورة الخاطر: توجد الكثير من الكتب التي طبعت عن أعلام الخليج والعالم العربي والإسلامي من النساء ومنها كتاب الأستاذ سعود عبد الكريم الفرج والذي يعتبر مرجعا لكل باحث ويحوي الكثير من الشخصيات الأدبية في مجال الشعر والذي هو ديوان العرب وقد صدر عن الدار السعودية للنشر والتوزيع بعنوان «شاعرات معاصرات من الجزيرة والخليج» وهو كتاب أراد له مؤلفه كما يقول في مقدمة الطبعة الأولى أن يكون «أحد المراجع التي قد يستفاد منها حول الدراسات الأدبية الخاصة بالأدب النسائي». وهنا من الممكن الاستفادة من هذا الكتاب كمرجع ومصدر يؤكد ويوثق بأن الأديبة هي نفسها الطبيبة والمعلمة والمهندسة والصحفية والمحامية وفي مقدمتهن الأم ولاشك، والكثير غيرها من أعلام النساء في منطقة الخليج والعالم العربي والإسلامي والتي لا حدود لطموحاتها وإن توهم البعض بأن الأديبة محدودة الطموح ومحصورة في مجال الأدب لا تتجاوز قمقمه إلى حيث مجالات الصناعات والعلم..
-