الثقافية: سعيد الدحية الزهراني
واجه الأستاذ خالد الرفاعي الدكتور عبدالله الغذامي.. بعيوب الجيل القديم وقبحياته المتمثلة في القطيعة والخلاف في حال الاختلاف حول رؤية ثقافية أو فكرية.. مبيناً أن الجيل القديم يأتي على النقيض من الجيل الجديد الذي تؤلف الردود المنهجية بين قلوب أبنائه بقدر ما كانت تفرّق بين قلوب عناصر الجيل القديم.. مطمئناً الغذامي بألا يقلق كثيراً عليّه وعلى أبناء هذا الجيل قائلاً «لقد ربّانا الإعلام التفاعلي فأحسن تربيتنا».. حتى صاروا يقبلون كلَّ شيء من كلّ أحد - على حد وصفه - مضيفاً: «الاختلافُ في جيلكم يعني الخلاف والخلاف شرفة كبيرة تطلُّون منها على القطيعة.. وكانت صداقتكم (في المشهد الثقافي) من النوع الهشّ الذي يتمزّق بضغطة من كلمة ذات حرفين أو أقلّ» مشيراً إلى قطيعة الغذامي والدكتور حسن الهويمل مقالاتك التي استمرت بينهما على مدى خمسة عشر عاماً أو أكثر..
وبيّن أن الجيل الجديد هو من دفع «فاتورة» تلك القطيعة حيث حُرم من مجلس يضمّهما معاً.. مضيفاً: «صرنا نخفي عن أحدكما إيماننا بالآخر، خشية أن ينتقمَ منه بالتخلّص منا».. مبدياً حزنه وألمه لعدم الانتصار للإنسان وجعله فوق مستوى الكلمات والأفكار.. ومشيراً إلى نفس القطيعة فيما بين الغذامي والفوزان..وأكد الرفاعي في رده على رسالة الدكتور عبدالله الغذامي التي نشرتها الثقافية العدد الماضي.. على أن ما شجعه على كتابة الردّين على «الهويمل والقحطاني» بحرية تامّة.. هو أنه وجد فيهما -وفي أبناء هذا الجيل بشكل عام ـ على حد وصفه ـ سماحةً أكبرَ من سماحة مثقفي الأجيال السابقة.. وعقلاً أكثر قابليةً للتعدّد من عقولهم.. مبيناً أن الصداقة في عرف أبناء هذا الجيل تأتي فوقَ كلِّ اعتبار ولن تسقطَ مضرّجةً بالدماء تحتَ أقدام مقالةٍ عابرةٍ في هذه الدنيا العابرة.. وهذا ما حصل بالفعل..
وكشف الرفاعي في هذا السياق عن مشروع ثقافي مهم يعمل لإطلاقه مع الأستاذ محمد الهويمل دون أن يكشف عن وجود الأستاذة سهام القحطاني معهم في هذا المشروع بوصفها الشقيقة الثالثة لهم على حد وصف الغذامي في رسالته المنشورة في «الثقافية» العدد الماضي.. وهو ما صادق عليه الرفاعي تماماً في رسالته إلى الغذامي حيث قال: «نحن بالفعل أشقاء ثلاثة، نختلف ويبرز اختلافنا على السطح، لكنه اختلافٌ لا يفسد للودّ قضية»..
وبين الغذامي أنه عندما نشر مقالته (حزن الغذامي.. ما الذي يخفي وراءه؟) جاءته ردود كثيرة من خصوم للغذامي وأنصاره.. كلّهم ظنّوا أنه يمدح الغذامي أو يدافع عنه.. لكن اتصال الغذامي به أعاد له الاتزان بعد أن أشاد بمنهجة المقال بل عندما رأى فيها نقداً يتوارى حياءً خلف طابور من الكلمات اللطيفة..
موضحاً أنه لم يرد على محمد الهويمل لأنه قال في الغذامي كلاماً لا يرتضيه.. ولم يرد على سهام القحطاني لأنها وصفته بـ»البلطجة».. ولكنه رد على الأول لأنه أخضع منجز الغذامي لظروف اللحظة.. كما ورد على الثانية لأنها حمّلته على حد وصفه - «تبعةَ فهمها الخاطئ»..
واعتبر الرفاعي إشارة الغذامي إلى الصحافة بوصفها سياق القضايا وليست القضية.. فائدة تفضل بها عليه الغذامي.. مؤكداً أنه يعمل وفق هذه الرؤية من حيث الكتابة للصحافة لأشهر معدودة في العام يتفرغ بعدها للكتابة المتخصصة ضمن مشروعه الخاص.. معترفاً بأن تجربة الغذامي في مجال العمل أخذها من (حكاية الحداثة) وجعلها قاعدةً لا يحيد عنها.. معبراً عن شكره للغذامي عندما تفضل بالثناء عليه قائلاً: «وأيُّ ثناء أكبر من أن تتوسّمَ فيّ روحَك ونموذجَك الذي تبحث عنه في شباب اليوم» متمنياً أنْ يجد فيهم جميعاً (خالد وسهام ومحمد) ما يحقّق أمنيته في أبناء الجيل الجديد.. مشيراً في ذات السياق إلى أن مثل هذا الفعل الكبير هو ما يفتقرون إليه في تعاطيهم مع كثير من الأساتذة الكرام.. وأعداً بأنْ يأخذ وزملاؤه بمحتوى رسالة الغذامي قائلاً «فنعطي لأنفسنا حقّ القول، ونعطي للآخرين الحقّ نفسه، ونشتغل بالقول الذي نقوله أكثر من اشتغالنا بالقول الذي قيل فينا»..
وروى الرفاعي في سياق رده على رسالة الغذامي ما دار بينه وبين الأستاذ محمد السحيمي (تلميذ الغذامي في الماجستير) قائلاً: «لم أكن أعرف عنه أكثر من كونه آدمياً يأكل اللحم ويمشي في شارع الحوامل، فجأةً توثّقت علاقتي به، فحلّ عليّ ضيفاً مرتين: إحداهما في الجلسة السنوية التي أقيمها لأساتذتي وزملائي، والأخرى في برنامج باختصار» مضيفاً: بدأت العلاقة من مقالتين ردّ بهما السحيمي على رأيي في (بنات الرياض)، وكان ردّه قاسياً إلى حدّ ما، وصفني فيه بالتطاول والادعاء، وحين اطلعتُ على مقالتيه استعرتُ رقمَه من صديقٍ وهاتفتُه، كان وقتها يمارس رياضة المشي ليسهلَ عليه إنجابُ رد ثالث، شكرتُ له كلماته ثم قلت: «يا أبا آسر، إنّ العملَ الروائيَّ أحقرُ من أن يفرِّقَ بين اثنين لم يلتقيا قطّ» فبارك لي هذه الكلمة، ووقّع معي عقد شراكة إنسانية، يبدأ تطبيقه من ذلك الموقف ولا ينتهي إلا بنهاية الحياة أو نهاية حياتينا».
-