في حالاتٍ كثيرةٍ لعلَّه تطغى أثناء القراءة لأي عمل علمي، أو أي عمل أدبي، أو أي عمل ثقافي لعلَّه تطغى عاطفة الإعجاب، وهُنا إذا طغت العاطفةُ على العقل الحر المتبصر فإنَّ التردي في هذا يكون سبيلاً لا محيد عنه إلى (عمى البال) بحيث تخفى العيوب الأصليةُ والعيوبُ الفرعيةُ لأي عمل ما أمام القارئ قراءة مُعجب للمؤلف، وهذا وجدته خلال لقاءاتي المتعددة بمشاهد كثيرة من «أُناسٍ» ما كنتُ أخال أنَّهمُ يعمون عن أصول الخطأ لولا الإعجاب بهذا المؤلف أو ذاك.
وهذا من أمور مُتعددة لا محيص البتة أنَّها تولدُ المراوحة في مكان واحد لا تتعداه إلا وتعود إليه، وهذا.. الحقُ أقولُ.. يقود إلى انعدام الإبداع وذهاب التجديد إنَّما.. فقط.. فقط.. التكرار، وقد يدعو هذا.. ولا نكير.. يدعو إلى أشياء كثيرة منها أن كثيراً ممن يزعمون أهلية الكتابة.. والنقد.. والبحث.. والتحقيق.. والتقرير والكتابة في: النحو.. واللغة قد يسطون على إنتاج الغير لكن بطرق غاية في الذكاء وتلمس سبل الخلاص لو تم بعد ذلك اكتشافه أو اكتشافهم؛ كل ذلك مدون ومسطور في: طرس معلوم، والإعجاب يعمى عن هذا، وهذا كفيل بسريان السطو وسريان التكرار مع سريان التعاظم، قلتُ، وهذا مرسوم على سبيل مُقيم، وإذا كنتُ أُشيرُ.. هُنا.. إلى الإعجاب فإنَّ هذا وحده هو دائرة المهم في هذا العصيب من وقت يحتاج فيه العلم والنقد والثقافة إلى: الإضافات والتجديد لكن هُناكَ، وأصدقك القول - قارئي الفاضل- هُناكَ حالاتٍ غير ما سبق تدعو للأسف بجانب الإعجاب أمر عليها مرور الواضحات من جبال لا تريم، فمن ذلك مثلاً:
1. العجلة في القراءة.
2. المصالح المتبادلة.
3. التزلف.
4. الصحبة.
5. الكتابة عن النفس باسم مُستعار.
6. تكليف الغير.
7. التعريف بذلك.
8. تقمص المسألة.
9. الإسقاط العام الذاتي.
فالقراءة ومن ثم الكتابة عن المقروء لا يعدو كل ذلك إلا لما ذكرتُ العام والمشهد الخاص في الحال الحاضرة.. اليوم. ولهذا أجدُ وتجدُ أنت كذلك: طغيان الخطاب المباشر، والإنشاء التأليفي، وحضور.. الأنا.. بين كل سطر وسطر وورقة وورقة، ولعلَّ النَّقدَ إذا تمْ نقد أي عمل فيه مافيه فإنَّ المؤلفَ يتجافى عن الرد أو على الأقل البيان بيان وجهة النظر، وإيضاح الحاصل، خذ مثلاً كتاب «الأغاني» أو «أخبار الحمقى والمغفلين» أو «خاص الخاص» أو «مقاتل الطالبيين» أو «مروج الذهب» ومن المتأخرات من كتب خذ مثلاً: «في الشعر الجاهلي» «الثابت والمتحول» و «أولاد حارتنا» إلخ..
تدبر، ووازن، وتحرر من العاطفة أو من العقل المغطى بترسبات قديمة بالية، فإنَّك تجد السطو واضحاً وكذا السرد العبثي «والأنا» دون حيا أو خشيةَ، فهناك في هذه الأسفار آثار باطلة، لم تصح، وهُناكَ لطشٌ من كتاب «إخوان الصفا»، وهناك سرد انتقائي أعمى.
بل (وما يوم حليمة بسر) فهذا كتاب (ابن الجوزي) «أخبار الحمقى والمغفلين» يسير بين جملة من القراء يسير سريان سيل منحدر من عل، أو كصخرة امرئ القيس في زمن قديم، يستشهدون به ويكررون قراءته مع أنَّه ليس له ولا يصلح أن يكون له لو كان (ابن الجوزي) -رحمه الله تعالى- هش التوحيد فكيف به وهو من خيرة الكتاب الخالدين،.؟
ألستُ مُحقاً؟
ألستُ التمس باباً مُهماً؟
ألا يصح أن نبدأ من جديد ولا نحرث في البحر؟..، إذاً على الله تعالى التوكل، ولنُعطِ العقل ما خُلقَ له من عظمة التدبر وحرية النظر المكين.
-
+
- الرياض