الثقافية - سعيد الدحية الزهراني:
بعيداً عن أسطوانة البرنامج الثقافي للجنادرية أو لغيره، التي تأخذنا في كل مرة إلى تكرار الكلام ذاته نقداً وملاحظات وأمنيات.. اليوم تبرز ملامح أكثر أهمية في تقديري من ندوة يجتمع لها ثلة قد لا يتجاوز عدد عناصرها أصابع اليد الواحدة، إن كانت الأصابع في تلك اليد كاملة أصلاً.
هذا العام ظهر الجنادرية بصورة مغايرة تماماً لما كان عليها في السابق، حتى على مستوى البرنامج الثقافي الذي لن أتحدث عنه. الجديد كما أراه يتمثل في محاولة الجنادرية تحقيق هدف كبير ورئيس ومهم للغاية، هو خلق «ثقافة الفرح الجمعي» في بيئة مجتمعية غابت مفردة الفرح من منظومتها الثقافية.. تحت ضغوط عوامل كثيرة.. لن يكون أولها معطيات البيئة الجافة بالأصل، ولن يكون أهمها وصاية تيار جعل من الوعيد والتهديد خطاباً لدين السماحة والمحبة والفرح.. حتى بات الآدمي في هذه البيئة.. يمسي على عذاب القبر، ويصبح على جهنم وسوء المصير.. في محاولة واضحة لطمس معالم فطرة الحياة المبنية أصلاً على بنى السعادة والبهجة.
الصورة التي يرصدها الزائر للقرية التراثية بالجنادرية لن تخرج عن هذا الإطار: فرائحية عامة وبهجة بكل التفاصيل التي جعلت الضوء يتسلل بخفة وتلقائية إلى الروح عبر أنغام الفلكلوريات ودندنات الطبول وتمايلات صفوف العارضين والراقصين في كل ركن من أركان القرية..
المهرجان تحول بضحكات الأطفال وصيحات التراثيين وتعدد الوجوه والألوان وتلقائية الجميع وسعادة الجميع بالجميع بعيداً عن الوصايات والتدخلات والقفز على كرامة النساء والناس.. أقول تحول المهرجان إلى كرنفال فرح وابتسامة.. وجسَّد مفهوم البهجة الأصيل، وهو ذلك الإحساس الإنساني البليغ.. وكم يلزمنا من وقت لاكتمال بناء منظومة الفرح الجمعي الذي لا نعرف دلالته حتى على المستوى الفردي، أو هكذا أرى.
شكراً للجنادرية.. شكراً لكرنفال الفرح والبهجة.