الحرف العربي، مخلوق عجيب أحال الظلام إلى نور؛ بأن كُتب به القرآن، جميل في شكله متفرد ومهم في تشكيل الكلمة يمتد جملاً وعبارات ثم كتباً سطر بها التاريخ ووثق الحقائق، فرض على من لا يعرف المعنى جمال المنظر فقال عنه المؤرخ الإنجليزى (أرنولدتو ينيى): إن الأمة العربية قد أنجبت عدداً من أهل فن الخط الخالدين أبقوا الطابع الإسلامي على صفحات التاريخ في هذه الرقعة الفسيحة من المعمورة. أو كما قال ملك الروم ما رأيت للعرب أحسن من هذا الحرف وما أحسدهم على شيء حسدي على جماله.
هذا الحرف أصبح الشغل الشاغل للمبدعين شعراً حينما يكتبون القصيدة وحكايات عند سرد القصة أو عند بناء الرواية أشعل في أنامل التشكيليين قبس الإبداع فأخذ أبعاداً جمالية فجرت طاقاتهم نقلوه من الدلالة إلى الشكل المجرد استخرجوا منه كنوزاً عبر قيمة التكوين ورشاقة الحركة، أزاحوا الظن انه بدون الكلمة يغدو قبيحاً فأكدوا أن جماله في يد من يستطيع تطويعه.
التقيت بالفنان نجا مهداوي قبل افتتاح معرض بالرياض قبل سنوات فقال لي ليس كل ما نراه فناً حروفياً وليس مجرد تحريك الحرف أو حشره في اللوحة يعد حروفية، وإذ نتفق مع أحد رواد هذا الفن ونجومه الذين طوروا تشكيل الحرف وأسلوب عرضه وصولاً إلى التقنيات الحديث وأشعة الليزر على جبل في هوليود، نعود إلى موضوعنا اليوم الذي نستعرض فيه نخبة من الأعمال الحروفية التي تنوعت أنماطها، وسبل تشكيلها، للحرف منها ما يلامس جملة أو عبارة أحالت مبدعها إلى كتلة نقل المشاهد بها من المعنى إلى أبعاد أخرى تجمع قيمة الحرف بالفكرة من تشكيلة ليصبح عملاً إبداعياً جديداً، لقد تسابق التشكيليون على أن يكون الحرف جزءاً من هويتهم التي يستندون عليها في تقديم منتجهم التشكيلي بين الإبداعات العالمية ذات الانفتاح إلى ما بعد الهوية نحو عولمة الثقافة وسلخها من منشئها وبيئتها وخصوصيتها لتصبح تلك الأعمال بلا هوية ولا طعم أو رائحة.
اليوم نستعرض بعضاً من إبداعات في تشكيل الحرف العربي لنخبة مختارة من الفنانين العرب لكل منهم فكرته وتكوينه وأسلوبه لكنهم جميعاً يرددون تعددت الأنماط والقلم واحد، إبداعات اليوم لكل من: نجا مهداوي - تونس، وجدان علي - الأردن، محمد عيسائي - إيران، عبد القادر الريس - الإمارات، حسن مسعودي - العراق، محمود حماد - سوريا، عبد العزيز عاشور - السعودية.
monif@hotmail.com