سبق أن كتبت عن كتاب الدكتور عبدالله الغذامي واليوم أعود إليه مرة أخرى - لقد كرس إعجابي بهذا الإنسان الذي يشعل الحرائق.. ويضع أصابعه على الجراح في الساحة الثقافية الراهنة من خلال الإسقاطات الذكية والثقافية العميقة التي نحتاجها هذه الأيام للخروج من عنق الزجاجة إلى فضاء الوعي الرحيب.

لا أريد في هذه العجالة أن استعرض كل ما جاء في هذا الكتاب المهم.. فهذا يحتاج إلى وقت.

ولكني أود أن أقول: إن هذا الكتاب يعبر عن موقف جريء وليس عن النقد الثقافي فحسب. إنه موقف من الواقع السيء الذي لا يزال يعيش فيه الشعب العربي منذ أكثر من ألف عام.

هذا الكتاب لا ينقد الأدب كما تعود أن ينقده الساذجون الذين كانوا يهتمون بالاستعارة والكناية وجزالة اللفظ.. لكنه ينقد الفكر والثقافة العربية.

على سبيل المثال يتطرق إلى الفحولة والرجولة وبما يميز بينهما.. يتحدث عن التسلط من الرجل ضد المرأة وخلال ذلك يحاول أن يشير إلى الخطل والعمى الفكري الذي يتردى فيه العالم العربي.. إنه ببساطة يصيح بالمرأة ليقول لها افتحي عينيك وتنبهي لما يدور حولك..!!

كما أنه يضرب الرجل على أنفه ويقول له كفى استبداداً وطغياناً وكأنه في النهاية يقول للرجال: اخجلوا قليلاً.. فهذا مسلك غير حضاري.

خليط من الماء والدم واستشارة مجانية يسديها للجميع.. استفزاز ومشاكسة.. إزالة الرمد عن الأعين وفتحها بالسكين إن اقتضى الأمر.. هذا هو المعنى في بطن كتاب (النقد الثقافي).

الغذامي بعد أن صال وجال في كتابه - المشكلة (الخطيئة والتفكير) تفوق على نفسه في كتاب (النقد الثقافي) واختار الأمثلة الشعرية التي تؤكد أن الرجل العربي غير متسق مع نفسه ومجتمعه.. والمارق والانتهازي في معظم البلاد العربية والإسلامية ما هم إلا إفراز لضعف وجهل وانحطاط الشعوب..!

الغذامي يطالب بترك كل شيء وإهمال كل شيء.. وتعميم الثقافة ونقدها بجرأة لأن هذا النقد سوف يخلص الإنسان من حالة البؤس والخوف والهوان.

تحية لصديقنا عبدالله الغذامي الذي شبع من عشق الأدب واتجه إلى الأنثى ولا غرابة في ذلك فهو في أوج قوته وفي عنفوان عطائه..!!

لقد فهمناك تماماً أيها القادم من البحر والشمس والرمل وعرار وادي الرمة.

1426-