لم يعد يحتمل كل ذلك التلوث الذي يحيط به، التلوث الذي يتنفسه فيصبغ رئتيه بالبقع والمواد اللزجة، التلوث الذي يهيج عينيه فتبقى ملتهبتين، التلوث الذي يتراكم في أذنيه، التلوث الذي يجعله يهرش جلده بقسوة كي يتخلص من طبقاته المتراكمة.
يريد لهذه المعاناة نهاية، ولكن لا أحد ممن حوله يلقي بالاً لم يره هو وبالاً عليه وعلى من حوله..
يمشي في الشارع بين الجيران، وفي مقر عمله بين الزملاء يحمل أوزار
...>>>...
دخل الحياة من شارع فرعي إلى شارع عام يجوس بحذر. يقارف الأخطاء. تاريخُه مشاغب. سُجلـُه مشوه. ثمارهُ لا تستساغ. هروب من المستحيل إلى المستحيل. كل العيون تراقبه. مثل عيون قطط وحشية. كل الآذان مصغية. الجوارح تتكلم تشهد تراقب. تمحصه بنزق مبالغ فيه.. وهو لا يشعر أو لا يهتم.. التدقيق في استخدام الحواس مجاهرة بالقصور. وبعدم القدرة على التوازن مع معطيات المرحلة. التحديق في الأضواء المبهرة يحجب
...>>>...
كأن الشمس استيقظت لذلك اليوم باكراً لتسلب الدجى شيئاً من وقته، كاتمةً ما بقي من أنفاسه الأخيرة بيد خيوط الشروق لتسجل أطول أيام الحزن والشحوب على ملامح البراءة في حياة حنان ذات الثمانية أعوام. صوت غير مألوف يتردد في ردهات غرفتها بكلمات تعودت على سمعها كل يوم استيقظت مفزوعة على صوت خالتها وهي تردد (هيا حبيبتي انهضي لأصفف شعرك وتلبسي مريولك لتذهب لمدرستك باكراً) نهضت تثقل خطواتها كثيراً من
...>>>...