دخل الحياة من شارع فرعي إلى شارع عام يجوس بحذر. يقارف الأخطاء. تاريخُه مشاغب. سُجلـُه مشوه. ثمارهُ لا تستساغ. هروب من المستحيل إلى المستحيل. كل العيون تراقبه. مثل عيون قطط وحشية. كل الآذان مصغية. الجوارح تتكلم تشهد تراقب. تمحصه بنزق مبالغ فيه.. وهو لا يشعر أو لا يهتم.. التدقيق في استخدام الحواس مجاهرة بالقصور. وبعدم القدرة على التوازن مع معطيات المرحلة. التحديق في الأضواء المبهرة يحجب عنك الرؤيا اقتراباً نصطدم به. وبعدا لا نكتشفه حتى يصدم بنا.. وميض الفلاشات يتتابع يُسلَّط عليه بتركيز. الحدقات تزيد اتساعا لتحصي عثراته. الألسن كالأمواس تحزه. ونظرات تسلقه بصمت.. كل شيء مُسجل عليه.. كلماته حروفه همسه. في نومه يُتـَصنت على أحلامه. وحين يتجافى من كوابيسه المفزعة يتم رصده. هو لا يشعر بأن هناك من يرقبه بقسوة. ما يلفظ من قول إلا وقد كتب عليه باليوم والساعة والمكان. كان طفلاً تربطه أمه بإحدى أرجل الكرسي الحديد حتى لا يلقي بسفهه في التهلكة. ثم استوى على سوقه. وأصبح وسيماً وحيداً في الطرقات. انطلق في ميدان الحياة يسرح ويمرح بحرية منفلتة. يدعك الوقت بفراغ طويل.. حتى تحول إلى وعاء كبير يُلقى فيه كل الأشياء المقرفة. سجلت عليه خلال سنوات طيشه ومراهقته مخالفات كثيرة. تجاوز خاطئ.. سرعة قاتلة.. تهور.. وقوف.. كلمات.. أفكار خطرة.. تصرفات.. حاول أن يتدارك نفسه المبثوثة في الطرقات دون أن يجد من يجمعها. فكرّ في تسديد ما عليه. توقف فجأة.. احتار. تشتت. استدار خطأ ًيطلب العودة والنجاة اصطدم بالماضي الذي ظلَّ يرصُده.
-