« يعجبني هذا الكاتب لأن مقالاته واضحة «، « لا أفهم ماذا يريد أن يقوله الكاتب الفلاني «، « أشعر أن ذلك الكاتب في وادي آخر « « أنا أتابع هذا الكاتب لأنه يتحدث عن همومي اليومية «.
هذه بعض الجمل التي يطلقها عدد من قراء الصحف على بعض الكتاب، وخصوصا أولئك القراء الفضلاء ممن لديهم اهتمامات أخرى غير الفكر والثقافة. و هذه التعبيرات التي يطلقونها قد تكون ناتجة لعدم فهمهم للأنماط العقلية لأولئك الكتاب.
وحتى نوضح ذلك يمكننا أن نضع الكتاب في عدة مجموعات منها:
الكاتب المثقف:
وهو الكاتب الذي تتنوع معارفه و يستخدم في كتابة مقالاته الدرجة الأولى من التفكير، حيث أنه يركز تفكيره بشكل مباشر على أية قضية تحدث اهتزازا إيجابيا أو سلبيا في المجتمع،إضافة إلى تلك المواضيع المتعلقة بالشأن العام من أجل أن ينبه وعي الناس إليها، لذا فهو يستهدف شريحة واسعة، وهو في الوقت نفسه يمتلك ملاحظات نقدية وينتج بعض الرؤى ذات الطابع العلاجي السريع ولكنه للأسف قد لا يهتم كثيرا بالمنهجية العلمية في طرحه، حيث أنه - في الغالب- يركز على الجانب السطحي وليس الجوهري، ولهذا فغير المهتمين بالفكر والثقافة قد يجدون في هذا الكاتب بغيتهم فهو يوضح لهم الرؤية دون التعمق فيها.
الكاتب المفكر:
وهو الكاتب الذي تتنوع معارفه و يتعمق في قضايا نهضوية عديدة ويصنع رؤى وأفكار متنوعة لذا فهو يستخدم الدرجة الثانية من التفكير في كتابة مقالاته، حيث أنه لا يوجه تفكيره إلى المشكلة ذاتها وإنما إلى طريقة التفكير بالمشكلة، أي أنه يحلل أسلوب وآلية التفكير، حيث يتحدث عن أخطاء التفكير وعيوبه تجاه القضايا والأمور المختلفة، كما أنه يقوم بعملية نقدية لطريقة تفكير أصحاب الدرجة الأولى من التفكير، إضافة إلى أنه في الغالب قد لا يتصدى للمشاكل اليومية بل يميل للقضايا الجوهرية التي تتسم بالتعقيد ومن النادر أن يكتب بشكل يومي، وله نوع خاص من القراء وهم بالطبع أقل بكثير من قراء مقالات الكاتب المثقف.
الكاتب الفيلسوف:
وهو الكاتب الذي تتنوع معارفه كذلك ولكنه يتميز بأنه يغوص في التفكير في ذات التفكير وهذه عملية معقدة للغاية، كما أنه ينتج المفاهيم والمصطلحات المتنوعة ذات الطابع العميق لذا فهو يستخدم الدرجة الثالثة من التفكير حيث تتسم مقالاته بالتأمل في طريقة التأمل، فهو من خلال ذلك يحاول الإجابة عن الأسئلة الأساسية الكبرى حول الإنسانية و الوجود و القيم والمصطلحات والإدراك وطبيعة الأشياء وغيرها من القضايا التي قد تكون غامضة أحيانا، وهذا النوع من الكتاب نجده بشكل قليل في الصحف وقراؤهم قليلون جدا نسبة إلى بقية القراءة.
ولابد أن أشير إلى أن هنالك أنماط أخرى للكتاب فمنهم من يكتب في مواضيع تخصصية محددة، ومنهم من لا يملك لا ثقافة و لا فكرا وإنما يقوم باجترار بعض الكلمات في كل مقالاته.
-