أستطيع أن أقول إن الاهتمام بالثقافة والأدب والأدباء في المملكة قديم ومتواصل ويعرفه جيل بعد جيل بالرغم من قلة الإمكانيات من كتب ومكتبات ودور النشر. وبالرغم من هذا وذاك إلا أن الأدباء آنذاك كانوا يحرصون كل الحرص لكي يلتقوا بعضهم بعضاً في مجالس منزلية متواضعة تارة وفي المقاهي الليلية تارة أخرى وكانوا يقرأون ويناقشون ما ترد في أيديهم وتصل إليهم من الكتب الأدبية نثراً وشعراً وكان التواصل بين الشيوخ والشباب جميلاً وحميماً والأجمل من هذا كانت الفرحة تملأ وجوههم عندما ينشرون أدبهم ويفيدون غيرهم بدون تكلف أو بخل، وذلك بتوجيهات سديدة نافعة. لذا كان ارتباط صغارهم بكبارهم شديداً والاعتزاز لكبارهم فريدا، ويشهد على ذلك من عاصرهم وجلس معهم وعايشهم.

وكانت صلة هؤلاء بتلاميذهم صلة أخوية أبوية أدبية ولما توفي بعضهم وقصرت المسافة بين البعض الآخر وتعددت الأسباب والإمكانيات وكثرت المؤلفات وطرق التعليم ضعفت الصلة والتواصل تدريجياً بين الأدباء شباباً وشيوخاً وقل التشجيع من الشيوخ للناشئين الجدد في ساحة الأدب وأصبح كثير منهم حيران أن يوجه أحد التوجيه السليم ولا يأخذ بيده.. وفي الوقت نفسه كثرت المنتديات والنوادي الأدبية في بلادنا إلا أن بعض الأدباء « مع احترامي الشديد لهم» يعيش في أبراج عالية جداً من جهة، وهذا جعل الشباب ينشغل مع اللهو والفضائيات التي تحارب الأدب وتعلو الخمول من جهة أخرى.

وهنا أصبحت الصلة بين الأدباء وشباب اليوم شبه منقطعة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل تعود المسامرات الأدبية القوية كما كانت في الماضي القريب؟ أرجو ذلك.