الشعر حنين ينمو في نفوسنا.. ينمو ويكبر، وليس بالضرورة نتلوه بألسنتنا.. يكفي أنه في وجداننا ومشاعرنا، فهو وجدان بل هو حياة، بدونه لا نحيا كما يجب ولا تتحقق كامل إنسانيتنا..!

ليس بالضرورة لا نكون شعراء إلا حينما نكتب الشعر وندندنه ونتلوه، لا، بل الشعر نستشعره ونحسه ويتغلغل فينا ونتجاذب معه، ويخطئ كل من يظن أن الشعر موجود في الكلمات والموسيقى الكلامية فحسب، فالشعر موجود في كل شيء جميل، يقول الدكتور عبد الله المقالح :» لماذا لا يكون في كل شهر يوم للشعر، فالشعر روح الحياة ونشيد الوجدان والشعر ليس في اللغة وإنما هو في الوجود بكل مظاهره الجمالية البديعية من الأشجار إلى الأنهار، من الزهور إلى الطيور إلى الحدائق والحقول، وهو مقيم في الموسيقى والرسم... والذين يبحثون عن الشعر في الكلمات وحدها يخطئون فالشعر موجود في كل عمل نبيل يقوم به الإنسان ويسعد به الآخرون «.

وفي يوم الشعر العالمي - والذي هو الخامس من شهر مارس من كل عام (حسب اليونسكو) - ندرك مدى الأهمية القصوى له في حياتنا؛ إنه الوجدان.. إنه تطهير للنفوس وتعطير لها.!

في يوم الشعر العالمي نجدد العهد ونحتفل به عرساً واحتفاء ولا يهم إن كان الشعر تقليدياً أو حداثياً أو حراً أو نثراً؛ إنه شعراً أياً كان نوعه - المهم أن يكون نظيفاً، رشيق المفردة، عميق المعنى، ساحر التأثير، إنه مساحة للسمو والتحليق، والصفاء والنقاء. ولا شك أن تخصيص يوم عالمي للشعر يؤكد حضوره وبالغ أهميته في كل أنحاء العالم لأنه شريان ينبض بالحياة.. حياة الإنسان؛ كل إنسان.

قد تسألني هل أنت شاعراً أو تكتب الشعر..؟ فالإجابة: أنا لستُ شاعراً ولا أكتب الشعر بالمفهوم المتعارف عليه إنما أنا شاعر وكل من يحب الجمال فهو شاعر، ففي دواخلنا شاعرية وربما شاعرية كبيرة أكبر ممن يكتبون الشعر..!

المفردة العربية بطبيعتها فيها شاعرية وشعرية، ومن يغوص في مكنونها يُظهر شاعريتها أكثر من غيره، ولا نشك أن في كل إنسان شاعر.. فالشعر فيه حب.. فيه وطن.. فيه استقرار.. فيه سمو.. فيه اطمئنان.. فيه طهارة.. ولا أحد يشك أن في كل أسم شاعرية؛ فاسمي (حسن) هو اسم فيه شاعرية ولا يختلف معي أحد وإن كان معانداً، فيوم الشعر العالمي يؤكد إدعائي كون الشعر ليس كما كان سابقاً بأنه كلام موزون مغفى وله معنى؛ بل أصبح تعريفه اليوم أوسع وأكبر مساحة وسقفه أعلى بكثير، حيث عمق المعنى وغزارة الرمز ووضوح الفكرة، وليس الموسيقى ضرورة حتمية فيه كما يذهب إليه التقليديون رغم إنني أميل إليهم بشدة ولكنني أُومن بالتجديد.. وقد أخصصت احتفالي بهذا اليوم - يوم الشعر العالمي - بطقوس خاصة، وخاصة بي فقط، ربما من غير اللائق أن أبوح بها، ولكنه يوم يستحق به وفيه التمظهر بالشعر أياً كان نوعه واتجاهه، وأكرر بأن ليس هنالك يوم محدد للشعر وإن حدد، وأنا مع التحديد..!!