هذا هو باختصار شرح المعنى الوجودي للأندية الأدبية والصالونات وغيرها! وهي وسيلة فعالة أقف معها وبقوة في ربط كل داع للأدب والشعر بعضوية الأندية الأدبية كي لا يشغل المجتمع بقراراته التاريخية, ورغم كوني عضو جمعية عمومية لناد معروف لا أقول عنه سوى أنه جيد جدا, ومحل خصب لليراع الفني والجمالي لمنطقة امتلأت بالجمال والفن،رغم هذا ظننت في بداية انضمامي له أن مخرجات الأندية الأدبية بشكل عام تحتكر نتاج السوق من أعمال أدبية وشخصيات مثقفة نتيجة انشغالها بتهيئة السوق الثقافي للدولة على سبيل يعيدنا من خلاله إلى دعم التعريف بهذا الوطن بالكلمات والأشعار, كما هو حال الأدب الإنجليزي الذي رتب وأعاد أوراقه في تلك المنطقة إلى رتبة عالية, جعلت طلابنا يتخصصون في فهمه ومعالجته.
ولا أقصد بتاتا أن يكون أدبنا كله في ذات الوطن, إنما قصدت أن نخرج بولاية أدبية من خلال هذه الأندية تجعلنا نقف جنبا إلى جنب مع الأدب المملوكي -الرديء فنيا بالنسبة لسابقيه-, هذا فضلا عن استحالة وقوفنا إلى جانب الأدب الأندلسي, فكيف بالعباسي والأموي والجاهلي وبقية تلك التصنيفات المختلف عليها!
لكن أن تكون المكتبات -بنظري- تحمل نصف أدبنا أو أكثر من أدباء لا يملكون عضوية تلك الأندية, فهذا يدعوني للاعتراف بفشل نوعي يكمن في تنفير الكثير من أدبائنا من حقهم المشروع في الاستفادة من أنديتهم.
إن واقع الأندية الأدبية لا يذكر المجتمع بشيء سوى الخلافات الدائرة بين أروقته, وبين أعدائه ومنافسيه, فضلا عن الاتهامات غير المدروسة من بعض عوام مجتمعنا, والذين يقذفون أولئك الأعضاء بتهم العلمنة والزندقة!
لقد اعتاد الناس على رؤية ذلك الأديب وهو يتجه بسيارته أو سائقه ليوصله إلى ذلك النادي, حينها يدخل هذا الأديب كوة النادي, ليمكث فيها ساعات معدودة لا يعرفون ماذا يفعل, ومن ثم يعود إلى بيته لينام.
وعلى المستوى التاريخي القريب من ثلاث سنين انفصلت مهمة الأندية الأدبية عن سياق وحدتها في بناء الأديب ذاتا وفنا, وعن الإسهام في بناء رؤية أدبية للمجتمع تدعم انتماءه وثوابته وأدبه, سواء الذي توارثه عن أجداده كالشعر, أو الذي استقاه من النبع الغربي المتميزكالمقالة والقصة والرواية والشعر المنثور.
وبكل صراحة أقول: إن أنديتنا الأدبية عدا اثنين منها أو ثلاثة أصبحت أندية مجالس إدارات, وحتى صراعها لم يعد مع أعضائها العاملين, بل مع مجالس إدارات قديمة أو طامعة أو يائسة.
لقد غيب وللأسف الدور الكبير الذي يستحق أن يمارسه العضو العامل في الأندية الأدبية, وأصبحت بطاقات العضوية شرفية فحسب لا تسمن ولا تغني من جوع, فالنادي الذي تنتمي له, لا تذكر آخر مرة اجتمعت فيه وإخوانك الأدباء على طاولة الإبداع وورش العمل, في الوقت الذي كانت فيه بعض الإدارات المنصفة قبل سنين طويلة تسخر جهودها في خدمة المبدع, والمبدع أولا.
وعدا عن ذلك كله تشكلت كثير من أنديتنا على يد أبناء فئة معينة, ولكم أن تسموكثيرا من أندية الوطن بنادي القبيلة الفلانية الأدبي, ونادي أبناء اللهجة السائدة الأدبي, ونادي أبناء البشرة الفاتحة الأدبي, ونادي التيار الجديد الأدبي, مما يضعف نتاج هذه البوابات المعرفية, ويؤسس لصدامات ثقافية.
وخلاصة القول:
إن العمل المنوط بإدارات الأندية الأدبية وقبلها الإدارة الرقابية التي تولاها من قريب الأستاذ حسين بافقيه, يجب قبل كل شيء أن تحدد ما هي مشكلة الأندية الأدبية؟ والتي حصرتُها في ثلاث كلمات: الرئيس والانتخابات والميزانية, وعليه فسوف يتغير حال هذه الأندية نحو الافضل إذ ما تم التركيز عليها بشكل مباشر.
الرياض