لا تحاول أن تدبج العبارات وتنتقي الكلمات فأنت كالبئر التي باح معينها أو كالنار التي فقدت جذوتها أنت يا صديقي قفر خال من بهاء الخيال بل أنت خواء.

قلت له: لِمَ تقسو علي وقد كنا يوماً خليلين لا ينام أحدنا إلا في يد خليله، وكنت أُطلق لك العنان لتنطلق أفكاري بين مدادك هوجاء هادرة تكاد تحرق الأوراق، وأحياناً تتراقص كغانية لعوب تتقلب بين السطور، وتذكر كم كنت بين يدي حراً طليقاً فإنني يوما لم أقيدك ولم أجبرك فكنت دائماً حراً فكم كنت تتأبى علي وتثور فتمحو سطوراً مما كتبت أو تعيدها وكثيراً ما فعلت !، وكم كنت تلهو على صفحات أوراقي فتصب مدادك في دوائر وأشكالاً من خيالك.

أفبعد هذا تتمرد علي ؟!...........

فأردف قائلاً : لا ومن خلقني فكتبت عليكم بأمره سبحانه أقداركم... لم أتمرد ! ولكن أنت جفوتني وجففت مدادي وحرمتني متعتي أن أدور بين أفكار بني الإنسان من بديع وتبيان، فأجريت عليك سنتي فيمن سبقك في فعلتك فعاقبتك أيها الشقي بجريرتك؛ فلأنسينك المعاني والمرادفات ولأضيعن عليك العبارات و الفقرات فلتبق صفحاتك مقفرة، وأحاسيسك مُقْبَرة، وإن حاولت فأسأحيلها لك إلى كلمات مبهمة وخربشات مُِرمة ظاناً في نفسك أنها مهمة لكنها ليست إلا خطوطاً مدلهمة، ولن يبقى معك سوى بعض ذكريات مما دُوِّن فيما مضى وفات فيمكنك بصوتك قراءاتها وضع على صفحتك بالنت رابطها، لكن أنا....لااااااااا.

فنظرت له وقد مللت حواره ووعيده وشناره وكبحت غضبتي وقلت له: عزيزي هون عليك فما أصبرني على حوارك غير طول اشتياقك، ولكني أنُبئك بخبر قد يصعب عليك....! أنت الآن قد دونت حكاية غضبتنا وجفوتنا.

فنظر إلي وقد هاله الخبر وأذعن لما أُجري عليه من قدر، وقال: صديقي أما وقد تبت فقد سامحتك ولكن لا تعدها ولا تفارقني فأنت أيضا حبيبي.