إبراهيم السماعيل
إن صح ما حملته لنا أخبار الأمس بأن هناك اتفاقاً أمريكياً روسياً على توسيع قاعدة المشاركين من (المعارضات!!) السورية في محادثات السلام بشأن الكارثة السورية فإن هذا يعتبر الدليل الأكثر وضوحاً حتى الآن (وإن كان سبقه عشرات الأدلة) على حجم التآمر الأمريكي على الشعب السوري وعلى قضيته العادلة وأيضاً يعتبر الدليل الأكثر وضوحاً على انقلاب الموقف الأمريكي تجاه ما يفترض أنه حليفها التركي ، فمن الجانب التركي فإن القصد من الانقلاب في الموقف الأمريكي هو إدخال قوات حماية الشعب الكردي المدعومة من الأمريكان والروس في نفس الوقت تحت ذريعة محاربة الإرهاب الكاذبة كطرف من أطراف المعارضة السورية بينما هي أي قوات حماية الشعب الكردي بقيادة صالح مسلم ليست كذلك فالكل يعلم وأولهم الأمريكان كيف نشأت هذه القوات بل ويعلمون حجم العلاقة العضوية بين عصابات الأسد وهذه القوات العميلة لها ، ويعلمون فوق ذلك أن الهدف النهائي لهذه القوات هو إنشاء كيان كردي على الحدود الجنوبية لتركيا ويعلم الأمريكان وغيرهم حجم الدعم والتأييد الذي تقدمه إسرائيل لهذه القوات ، (وهذا في جانبٍ منه هو عقاب أمريكي لتركيا بسبب وقوفها الصادق مع ثورة الشعب السوري) أما من ناحية المعارضة السورية الحقيقية والشعب السوري فإن هدف هذا الاتفاق الأمريكي الروسي هو إدخال المعارضات الشكلية والموالية في الحقيقة لعصابات الأسد استجابةً لطلبٍ روسي قديم بغرض تشتيت وبعثرة أوراق المعارضة السورية الحقيقية وابتزازها.
فإذا أضفنا إلى كل ما سبق مؤتمرات ومؤامرات جنيف 2 وجنيف 3 وما تفرع عنها من مؤتمرات فيينا وميونيخ وغيرها وخداع المبعوثين الأمميين دي مستورا وقبله الأخضر الإبراهيمي وألحقنا بها مؤامرات منع تسليح الثورة السورية منذ بدايتها بالسلاح الحقيقي والفعال وأضفنا إلى كل ذلك التراخي المتصنع من الولايات المتحدة الأمريكية عندما أقدم الروس والصينيون على ارتكاب جريمة استعمال الفيتو القاتل للشعب السوري ثلاث مرات في مجلس الأمن ، وأيضاً تغاضي العالم الواضح منذ بداية الكارثة السورية عن استعمال عصابة الأسد وحلفائها الفرس والأقليات الطائفية والروس الآن كل أنواع الأسلحة والمحرم منها تحديداً ضد الشعب السوري بوحشيةٍ لا سابق لها، وإذا ألحقنا بكل هذا التغاضي والسماح من قبل الولايات المتحدة والغرب إجمالاً لهذه العصابات وحلفائها الطائفيين باستعمال ورقة الإرهاب الداعشية والتي اخترعتها وسهلت لها كل السبل هذه العصابات وحلفائها، كل هذا أتى ضمن مسلسل التآمر والخداع الذي لم ينقطع منذ بداية الثورة السورية (وكلها بلا استثناء تهدف إلى منع سقوط عصابة الأسد وبالتالي سقوط المشروع الفارسي في المنطقة والذي هو في الأساس مطلب إسرائيلي بامتياز)، حينها فقط نكتشف هول المأساة التي يعانيها بسبب هذا التآمر وهذا الخداع وهذه الداعش وأخواتها ليس فقط الشعب السوري والعراقي والليبي والآن التونسي بل واليمني الآن خصوصاً بعدما رشح من أنباء عن اتفاق بين الرئيس الروسي ونظيره المصري من ضرورة مواجهة الإرهاب في اليمن، حيث إن الزج بورقة محاربة الإرهاب والداعشي منه خصوصاً تهدف إلى بعثرة أوراق ثورات هذه الشعوب وحرفها عن مسارها الطبيعي وتغيير عناوين معارك هذه الشعوب من ثورات على الظلم والاستبداد وتغليب الأقليات الطائفية إلى عنوان كاذب ومضلل هو الحرب على الإرهاب والكل يعلم أن هذا الإرهاب المزعوم لم يكن ليتطور بهذا الشكل الوحشي لولا رعايته من قبل هذه العصابات الطائفية وحلفائها الفرس وغض النظر الواضح عنه من قبل القوى الكبرى في العالم.
وعليه فإن هذا الوحش الإرهابي يعتبر حلقةً أساسية من حلقات التآمر على ثورات الشعوب العربية وبالأخص الشعبين السوري والعراقي تماماً كما هو حال قوات حماية الشعب الكردي والمعارضات الشكلية التي يريد الأمريكان والروس إشراكها الآن في مفاوضات عملية السلام الهزلية بشأن الكارثة السورية ، حيث أن كل هذا التآمر والخداع لا يخدم سوى مخططات التوسع الفارسي الطائفي الفتنوي في المنطقة والذي يصب في نهاية الأمر في مصلحة إسرائيل والدول الكبرى.
لكني رغم كآبة المشهد ومأساويته واشتداد وطأة التآمر مازلت مؤمناً بإرادة الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بإرادة الشعوب العربية التي لن تُكسر، هذه الشعوب التي اختلفت ظروفها اليوم كثيراً عن ظروف أجدادها عندما فُرِضت عليهم اتفاقية سايكس بيكو رغماً عنهم وربما بدون علمهم.