فهد الحوشاني
استبشر بعض المهتمين بالمسرح بتعيين معالي الوزير أحمد العيسى بحكم أنه كما قالوا سبق أن كتب عملا مسرحيا وهي مسرحية (وسطي بلا وسطية) والتي عرضت في كلية اليمامة قبل سنوات! ولاأعتقد أن ذلك مهما فليس مطلوب من الوزير أن يكون متخصصا بالمناهج ليهتم بالمناهج أو بالإرشاد الطلابي أو الإدارة المدرسية ليهتم بها لكنه ينتظر منه أن يعطي كل عناصر التعليم ما تستحقه من اهتمام.
بداية ليست مهمة المسرح المدرسي تخريج الممثلين ولاينبغي أن يكون هذا هو الهدف، لأنه نشاط تربوي لايجب أن يخلو منه المنهج التعليمي يقدم بإشراف معلمين أكفاء خبرة تلقوا التدريب الكافي ليشرفوا بوعي على أهم نشاط في المدرسة ليحقق لها التنوع في طرح المعلومة والجاذبية. قال أحد مسؤلي الوزارة السابقين إن مدراسنا ليست جاذبة، وهو كلام منطقي يسنده الواقع. والجاذبية تحقق من وجهة نظري من مبنى جميل ومقررات مناسبة ومعلمين أكفاء وأسلوب تعليمي يتناسب مع حياة الطفل الحالية، لكن بحكم تجربة فإن الأنشطة لمن يزاولها أو يتفرج عليها من الطلاب تزرع البهجة والمتعة التي تجعل من المدارس جاذبة. وفي المدرسة يأتي أبو الفنون (المسرح) والذي اسميه في المدرسة أبو (النشاط) لأنه تنضوي تحت عباءته وفوق خشبته الأناشيد والمشهد المسرحي والإذاعة المدرسية وإلقاء القصائد والنثر والأناشيد الوطنية ويحقق للطلاب المشاركين الجرأة والقدرة على مواجهة الجمهور الشجاعة الأدبية وينمي لديهم روح الفريق من خلال الروح الجماعية التي تسكنهم ويحقق للمشاهدين المتعة، إذا تم إتقانه من خلال ما يرسمه من بهجة وتفاعل جماعي.
الوزارة ليس لها حتى الآن مهرجان مسرحي للطلاب ما عدا مهرجان الفرق المسرحية للمرحلة الثانوية وهو مهرجان جميل لكنه متعثر يقام سنة ويتوقف بضع سنوات ثم إنها بحاجة إلى مهرجان لمسرح الطفل للمدارس الابتدائية بين وبنات. والمدارس من خلال تجربة شخصية لديها الاستعداد للمشاركة ولديها من الطاقات المبدعة سواء معلمين أو مواهب طلابية يمكن لها أن تقيم عشرات المهرجانات والمناسبات، وهذا هو دور الوزارة في رعاية مواهب الطلاب - هذه مسؤليتها وإن قام بها غيرها، فهذا يحدث في مناسبات قليلة وهو فرض عين على الوزارة لايسقطه قيام غيرها به. المسرح في كثير من المدارس متعطل حتى إشعار آخر منذ أن تم إلغاء النشاط المسرحي واستبداله بالثقافي وألغيت وظائف المشرفين المسرحيين في إدارة التعليم وتقلصت برامج التدريب. والمنافسات المسرحية التي تقام ليست كافية بالنظر إلى أعداد المدارس وعدد الطلاب.
في مهرجان اليوم العالمي للطفل والذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام في كل عام لمست عن قرب تعطش المدارس الابتدائية لوجود مناسبة مسرحية يعرضون من خلالها مشاركات الطلاب الوطنية والاجتماعية والأناشيد وتلك التي تتعلق بتأكيد القيم الاجتماعية والدينية وتحقق تنمية مواهب طلابهم.
وفي العام الماضي شاركت ما يقارب عشرين مدرسة ابتدائية في مهرجان اليوم العالمي للطفل قدمت الأناشيد والأوبريتات والإلقاء والمشاهد المسرحية. لكن المسرح المدرسي ليس فقط عرضا يقدم خارج إطار المدرسة لكنه مساهم في إيصال المعلومة المسرحية داخل الفصل المدرسي وفي الإذاعة المدرسية الصباحية وفي المناسبات التي يفترض أن تحتفل فيها المدرسة.
لكن ذلك يحتاج إلى توجه يدعمه معالي الوزير لتكون المدارس أكثر جاذبية من خلال الأنشطة، وليجد الطالب الموهوب فرصته لمزاولة ما يحب ويشاهد ما يرغب لنحقق بديلا جيدا لما يطلع الطلاب في وسائل التواصل الاجتماعي.
المسرح ليس ترفا لكنه مساهم مهم تربويا في صياغة أفكار الطلاب وتوجهاتهم وإكسابهم الأفكار الإيجابية، ولن أقول إنه سيحارب مثلا الإرهاب كما يطرح ذلك بعض المسرحيين، لكنه سيضيء للطالب من خلال القصائد والإلقاء والمشاهد المسرحية ما قد يخفى عليه، ويساهم مع مقرراته المدرسية ما ينمي فيه حبه لدينه ووطنه وقيادته. أليس هذا من أهم أهداف واستراتيجيات التعليم؟