محمد المنيف
التحكيم، وما أدراك ما التحكيم.. في كل المسابقات على اختلاف تخصصاتها، من الألعاب الرياضية إلى اوساكر السينما، لم أسمع أن أحدًا من المشاركين فيها كان راضيًا إلا الفائزين. وحتى الفائزون قد نجد منهم من علت وجهه الدهشة بأن فاز بإحدى الجوائز بعد أن كان يشك بفوزه.
هنا نقف عند الفارق بين من يشارك وهو مقتنع أو (جازم) بالفوز غير آبه بلجنة المسابقة، وآخر قدّم عمله بكل بساطة مشاركًا ومقتنعًا بالفوز أو الخسارة راضيًا برأي المحكمين.
عالم شاسع من المتناقضات، وبعدم الرضا وبالتشكيك.. وإذا قبلنا بأن هناك أحيانًا خطأ أو قصورًا في اختيار المحكمين فإن الأمر لا يعمم على البقية، وخصوصًا أن أقل لجنة تتكون من ثلاثة، وترتفع إلى الخمسة، وهكذا بعدد فردي وليس زوجيًّا. وهي الآلية التي تقوم عليها مختلف اللجان. كما نتفق أيضًا على أهمية المعايير الفنية للتحكيم التي يعتمد عليها المحكمون، ويجعلونها شاهدًا ووثيقة لأي رد فعل.
كما أن اللجان الاحترافية تعتمد على العمل ومضامينه وما حُدّد له من معايير تتبع فكرة المسابقة، إن كان لها موضوع محدد، عكس ما يمكن أن تحكم به مسابقة مفتوحة المواضيع.
نعود لموضوعنا المتعلق بالواقع التشكيلي المحلي، الذي لا يختلف عن عامة المجتمعات الفنية في جانب التحكيم؛ فلم نرَ قناعة تامة بأي لجنة حتى لو جيء بها من المريخ. هذا الاعتراض لا يأتي من جميع من يشارك، وإنما ممن يرى نفسه الأعلى والأبرز والمستحق للفوز، يدفعه غروره إلى إقامة حفل بمناسبة فوزه بالجائزة الأولى قبل إعلان النتيجة!
وان كنا نتفق مع مشاعر من لا يوفَّق أو يفوز إلا أننا مع جانبين، الأول (الحظ)، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان، والآخر هو (القيمة الفنية) للعمل حينما يقارن مع غيره من الأعمال، حتى لو كان المنافس أصغر عمرًا أو أقل خبرة؛ فالفن لا عمر لإتقانه؛ فقد يبرز موهوبًا يختصر المسافة التي قطعها مَن مارس الفن عشرات السنوات.
هذا الواقع من الاعتراضات كثيرًا ما يأتي من فئة ترى في تأهلها بالمؤهلات الأكاديمية من بكالوريوس تربية فنية وصولاً إلى الدكتوراه، أو بكثرة إقامة المعارض والمشاركات. إنها أصبحت فوق مستوى أصحاب المواهب ممن لم يتلقون مثل تلك المحاضرات المختصة في مجال طرق تدريس التربية الفنية واستخدام الخامات، ومع ذلك تظهر أعمالهم متجاوزة تلك الدروس والمحاضرات والمؤهلات، مقنعة للجان التحكيم وبقوة. ولنا في تاريخ الفن شواهد.
إذن، فإن الحل والعلاج لغرور أولئك المعترضين دومًا على التحكيم أن يشتركوا في تحكيم المسابقات؛ ليعرفوا حقيقة قيمتهم كما كانوا يرون غيرهم.