المصافحةُ مع السلام لها أثرٌ بالغٌ في نفس من تلتقي به فهي تزيد السلام جمالاً بل وأثرها يكون أبعد حيث غفران ذنوب المسلمين المتصافحين، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِرَ لهما قبلَ أن يفترقا) كما أنها تجلبُ المحبة وتزيد الألفة وتذهب وحر القلب وتطهره من درن الحقد، وقد غفل بعض الناس عن هذه الآثار الطيبة فتهاونوا في شأن المصافحة ولم يُصافحوا المصافحة المؤثرة في النفوس المطهرة للقلوب وجهلوا أو تجاهلوا هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان إذَا استقبلَهُ الرجلُ صافحَهُ ولا ينزِعُ يدَهُ حتَّى يكونَ هو الذِي نزعَ، وإنني لأجد للناس في المصافحة مشاربَ شتى فمنهم من يُصافح مهتديًا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يصافح بكلتا يديه فيضع يمناه في يمنى من يصافحه ويسراه قبالة ظهر الكف وكأنه يحتضن كفَّ مصافحه، بكفيه مشعرًا مصافحه بدفء الشعور الأخويِّ الصادق، ومنهم من يصافح ويده مفتوحة دون أن يقبض كف مَنْ يصافحه وهذا صنيعٌ غريبٌ، ومنهم من يصافح بطرف أصابعه وهذا سيءٌ قبيحٌ، ومنهم وهو الأسوأ والأقبح مَنْ يردُّ من يصافحه فتجده كِبْرًا وتعاليًا أو حقدًا أو احتقاراً يرفض أن يمد يده لمن بادره بالمصافحة، وهذا النوع من الناس مريضٌ في قلبه وفكره مذمومٌ في سلوكه وخُلُقه فيخسر إخوانه وأصدقاءه ويُكثِر أعداءه وفيه وفي مثله قلتُ هذه الأبيات:
بغيضٌ مَن تُمدُّ له كفوفُ
مُصافحةٌ ويرفضُها لئيمُ
ألا بئس الصنيعُ صنيعُ شخصٍ
به كِبْرٌ وفي عقلٍ سقيمُ
يرى في كسْرِ قلبِ أُهيلِ سِلْمٍ
سموًا إنَّه شخصٌ ذميمُ
فيا ربَّاهُ لا تُكثر علينا
مراضَ العقلِ أنت بنا رحيمُ
وأسألُ أنْ يعافيَني إلهي
من الأدواءِ مولانا كريمُ
وأهلَ الداءِ فاهدِهمُ إلهي
وإلا فاكفِناهم يا عظيمُ
** **
تمير - سدير