|
بسبب خطط الإصلاح الاقتصادي لخادم الحرمين الشريفين
المصارف السعودية تحصد نصيب الأسد من أرباح البنوك العربية
6 مصارف سعودية في قائمة عشرة مصارف خليجية حققت أعلى معدلات نمو
|
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
أكد المحللون أن خطط الإصلاح الاقتصادي التي قطعتها المملكة العربية السعودية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أدت إلى نجاح المصارف السعودية في تحقيق معدلات نمو جيدة في المستويات الأرباح أو حجم التعاملات بشكل عام مما وضع المصارف السعودية في مقدمة المصارف العربية والخليجية مما يعكس التعايش مع المستجدات التي أفرزتها تداعيات العولمة من انفتاح في الأسواق وتطور الخدمات المصرفية التي أصبحت تعتمد بصورة متزايدة على التكنولوجيا الحديثة، ودفع ذلك المصارف الأجنبية إلى تنويع منتجاتها المصرفية لكسب حصص في السوق الخليجي وكسر قاعدة الاحتكار التي كانت تتمتع بها المصارف المحلية وأمام هذه التحديات وكيفية مواجهتها، وكيفية احتفاظ المصارف السعودية خاصة والعربية عامة بمعدلات ربحية عالية كان هذا التحقيق:
قبل أن نبدأ: تمكنت معظم المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي من تحقيق أداء متميز في العام الماضي، حيث بلغت الأرباح الإجمالية للمصارف العاملة بمنطقة الخليج حوالي 8.4 مليارات دولار بزيادة نسبتها 8.16% عن أرباح نفس الفترة من العام الماضي وتصدر قائمة المصارف الخليجية من حيث حجم الأرباح المسجلة البنك السعودي الأمريكي «سامبا» الذي وصلت أرباحه 535 مليون دولار.
المملكة في المقدمة
يؤكد حسن حسني الخبير المصرفي أن تجربة القطاع المصرفي في المملكة العربية السعودية كنموذج لأداء المصارف الخليجية قد جنى ثمار الانتعاش الذي حققته عائدات البترول، وهذا الانتعاش لم يكن على المستوى المتوقع حيث إن الارتباط التاريخي بين الانتعاش في عائدات أو أسعار البترول ومعدلات الإنفاق الحكومي قد بدأ يتقلص في الأعوام الأخيرة ليس فقط على المستوى السعودي وإنما على مستوى المنطقة الخليجية ويرجع ذلك إلى خطط الإصلاح الاقتصادي التي قطعتها السعودية والعديد من دول التعاون الخليجي والتي بدأت تؤتي ثمارها على العديد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها القطاع المصرفي.
ويضيف الخبير المصرفي أن مجلة «ميد» المتخصصة في اقتصاديات المنطقة العربية قد أجرت مسحاً على 96 مصرفاً خليجياً تبيَّن أن المصارف السعودية بلا استثناء قد حققت صافي الأرباح خلال العام الماضي في الوقت الذي سجلت فيه ميزانيات المصارف نمواً، وعلى الرغم من تراجع حجم الطلب على الائتمان المصرفي إلا أن حجم الودائع واصل معدلات نموه السريعة كما شهد الطلب على الودائع الشخصية زيادة جيدة.
ويرجع الانكماش في عمليات الائتمان المصرفي إلى التحسن الملحوظ في حسابات المدنيين الخاصة بالشركات. ولكن هذه الأوضاع دفعت العديد من الشركات إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات الخاصة بالخدمات المقدمة على مستوى السوق المحلي إلى جانب تكثيف الجهود نحو الخروج من دائرة السوق المحلي والتوسع إقليميا سواء في إطار السوق الخليجي أو أسواق المنطقة العربية وهناك مصارف سعودية كبيرة مثل السعودي الأمريكي وبنك الرياض، والبنك الأهلي التجاري قد بدأت خطوات جادة نحو التوسع الإقليمي وهناك بنوك متوسطة تبحث عن هذه الأسواق.
نصيب الأسد
ويشير الخبير المصرفي إلى أن المصارف السعودية كان لها نصيب الأسد خلال العام الماضي في قائمة أكبر عشرة بنوك خليجية من حيث حجم الأصول حيث استحوذت 6 مصارف سعودية على تلك القائمة فقد جاء البنك السعودي الأمريكي «سامبا» في الترتيب الثاني بعد المؤسسة العربية المصرفية ليبلغ إجمالي أصوله المسجلة في العام 2000 نحو 51.21 مليار دولار بزيادة نسبتها 9.4% على حجم الأصول المسجل في العام السابق، وسجل السعودي الفرنسي أعلى معدل نمو في حجم الأصول التي ارتفعت قيمتها بنسبة 1.17% لتصل إلى نحو 13.10 مليارات دولار، وجاءت مؤسسة الاستثمارات الخليجية في الترتيب الثالث، حيث بلغ إجمالي قيمة أصولها نحو 49.19 مليار دولار.. ويتوقع أن يتراجع ترتيب مؤسسة الاستثمار الخليجية ضمن أكبر 10 مصارف خليجية نتيجة لقيام المؤسسة ببيع حصتها في بنك الخليج الدولي.
أما أكبر عشرة بنوك خليجية من حيث مستويات الأرباح فيأتي في المقدمة البنك السعودي الأمريكي الذي أصبح واحداً من أقوى المصارف الخليجية قدرة على تنمية إيراداته وتفوق بذلك على بنك الكويت الوطني الذي كان يحتل المرتبة الأولى في العام الماضي وتراجع إلى الترتيب الثالث متنازلا بذلك عن المرتبة الثانية لمؤسسة الراجحي المصرفية.
ويؤكد أن معدلات النمو التي حققتها المصارف تعكس نجاح القطاع المصرفي إلى حد كبير في التعايش مع المستجدات التي أفرزتها تداعيات العولمة من انفتاح في الأسواق وتطور الخدمات المصرفية التي أصبحت تعتمد بصورة متزايدة على التكنولوجيا الحديثة وأدى هذا النجاح إلى إثارة حفيظة المصارف الأجنبية التي تتبارى على تنويع منتجاتها المصرفية لكسب حصص في السوق الخليجي وكسر قاعدة الاحتكار التي كانت تتمتع بها المصارف المحلية.
وهذا جعل الجدل الدائر حول حتمية الإسراع في عملية الاندماجات على مستوى المصارف العربية سواء محليا أو إقليميا سيظل قائما رغم استمرار النمو الجيد في مستويات الأرباح التي يحققها القطاع المصرفي. فالسوق المصرفي العربي أصبح متخما حاليا بالعديد من المؤسسات المصرفية صغيرة الحجم التي تفتقر إلى الموارد والإمكانات الفنية التي تؤهلها لتحقيق وفورات انتاج الحجم الكبير ومن ثم المنافسة في السوق المصرفي الذي أصبح يتسم بتنوع المنتجات والخدمات المصرفية المقدمة وتنوع مصادرها.
وقد بدأت عمليات الاندماج تلجأ إليها المصارف الخليجية كخط دفاع لتعزيز قدراتها التنافسية في مواجهة التكتلات المصرفية الأجنبية على الرغم من الأداء المتميز الذي شهدته المصارف الخليجية في العام الماضي، مما انعكس على مستويات الأرباح ونمو حجم الميزانيات ومن بين عمليات الاندماج التي تمت العام الماضي اندماج بنك فيصل الإسلامي البحريني مع شركة الاستثمارات الإسلامية الخليجية لتأسيس بنك شامل البحريني واندماج بنك الكويت المتحد مع البنك الأهلي التجاري البحريني لتأسيس البنك الأهلي المتحد. وعمليات الاندماج هذه تمت في شكل محدود مما يتطلب مزيد من اندماجات البنوك للحفظ على معدلات نمو مرتفعة.
حيطة وحذر
يرى الدكتور نبيل حشاد رئيس المركز العربي للدراسات المالية والمصرفية أنه مع زيادة، سرعة العولمة المالية وانفتاح الأسواق المالية، والبنوك في الدول المختلفة على بعضها لبعض بدرجة كبيرة أدى إلى إمكانية نقل المخاطر والإزمات بين البنوك في مختلف أنحاء العالم وفي لحظات نتيجة للتقدم الكبير في الاتصالات والإنترنت وغيره وهذا فرض على البنوك على مستوى العالم أن تضع في حسابتها موضوعي الربحية والأمان ويأتي في المقدمة الأمان حتى ولو اكتفى البنك بهامش ربح بسيط حتى لا يتعرض للمخاطر التي قد تؤدي إلى انهيار النبوك مما جعل البنوك العالمية تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الأمان لها وعدم التعرض للأزمات. وهذا جعل البنوك توظف أموالها بحيطة وحذر.
وعن كيفية تحقيق البنوك العربية لأعلى معدلات ربحية يقول «حشاد» إن على البنوك تحديد أهداف البنك وهل يأتي تحقيق الأرباح على حساب الأمان وسيولة البنك أم هناك توازن بين الأمان والربحية والسيولة؟ وخاصة أن هذا التوازن مطلوب فلا يجب أن يسعى البنك لتحقيق أكبر ربح ممكن عن طريق المغامرة من خلال توظيف الأموال فى أصول ذات درجة مخاطر مرتفعة، وهذا لا يمنع أن تقوم البنوك بتوظيف أموالها لتحقيق أقصى درجات الربحية ولكن في أصول جيدة واختيار التوظيف الجيد ومع اتباع القواعد والعرف المصرفي، واتباع تعليمات البنك المركزي والاسترشاد بقواعد بنك التسويات الدولية والذي وضع 17 معيارا جيدا للائتمان. ولو تم تطبيق هذه القواعد كما يقول الدكتور «حشاد» من قبل البنوك العربية فإن مخاطر الإئتمان التي تتعرض لها ستتقلص إلى أقصى حد ممكن وتزيد الربحية.
ويضيف أن هناك توظيفات أخرى يمكن من خلالها تحقيق معدلات ربحية عالية مثل الاستثمار في أصول مختلفة واختيار هذه الأصول من حيث أجلها ودرجة المخاطرة، وتنويع المحفظة الاستثمارية سواء من ناحية الأوراق المالية أو الآجال.. وأخيراً يمكن للبنوك العربية تحقيق أقصى ربحية بدرجة عالية من الأمان إذا أدارت أصولها وخصوماتها طبقاً للقواعد المصرفية المتعارف عليها وعدم المغامرة بالاستثمار في توظف أصول خطرة.
التعاون الخليجي
زيادة ربحية البنوك يرتبط بصورة أساسية بزيادة معدل نمو الاقتصاد القومي، والظروف التي تحيط بالدول يؤثر ويتحكم في مدى ربحية البنوك هذا ما أكده عبدالحكيم علي الطويل نائب مدير عام بنك فيصل الإسلامي، وأضاف أن الجهاز المصرفي يسعى إلى تنويع خدماته المصرفية لزيادة الربحية وتقليل معدلات المخاطرة ونتيجة للنمو الاقتصادي وخطط الإصلاح الاقتصادي التي قطعتها المملكة العربية السعودية، ودول الخليج انعكس على القطاع المصرفي السعودي والخليجي فقد تمكن 20 مصرفاً خليجياً من تحقيق عائد سنوي على حقوق الملكية تجاوز 15% وهو ما يعكس نجاح القطاع المصرفي الخليجي في مواكبة المستجدات وقيامه بتنويع الخدمات المصرفية المتاحة بالأسواق الخليجية من خلال اتجاه العديد من المصارف للتحول من نطاق منتجات التجزئة إلى نطاق البنوك الشاملة، وإن كان هناك بعض البنوك ما زالت تعتمد في مزاولة أنشطتها التقليدية على الدعم وإجراءات الحماية التي تفرضها القوانين المحلية المعمول بها في بعض الدول العربية.
ويضيف أن على دول الخليج التعاون فيما بينهم، وتطبيق اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي وتنفيذ الوحدة الاقتصادية، كل ذلك سينعكس على جميع القطاعات بما فيها القطاع المصرفي، ويمكن للبنوك أن تحقق معدلات ربحية مرتفعة وتحافظ على هذه المعدلات نتيجة لأن دول الخليج ظروفها واحدة وبها معدلات نمو متقاربة وعملاتها المصرفية مرتفعة، كما يجب رفع القيود في جميع مجالات التعامل بين دول المجلس، وتعظيم الاستفادة من المشاريع السابقة، ووضع خطط مستقبلية لتنمية المجتمع في مجالات الاستثمار غير المتوفرة حاليا. ويؤكد الخبير المصرفي على ضرورة الاندماج في كيانات عملاقة لأن هذه الكيانات هي التي ستأكل السوق، وهي الوحيدة التي يمكن أن تقدم خدمات مصرفية يمكن من خلالها جذب أكبر قدر من العملاء وتحقيق معدلات نمو مرتفعة..
مدخرات عالية
نادية القاضي مدير عام الإدارة العامة للبنوك المتخصصة بوزارة الاقتصاد المصرية ترى أن دول الخليج تقدمت خطوات جيدة في سبيل التنمية فلديها مشروعات، وادى ذلك إلى زيادة معدلات ربحية وللمحافظة على هذه المعدلات يتطلب الأمر اندماج البنوك في كيانات عملاقة لتوجية الاستثمارات في مجالات أكثر ربحية ولمواجهة المشكلات والتحديات، وهناك تكتلات في أوروبا وكندا وأمريكا حققت نجاحاً كبيراً على المستوى المحلي والعالمي، وعيب العالم العربي أنه لا توجد بنوك عملاقة تستطيع أن توجه استثماراتها محلياً وإقليمياً، فالكيانات العملاقة المصرفية تستطيع تقليل تكاليف التشغيل والتوسع في استثمارات جيدة، وهناك ضرورة لتفعيل دور الجهاز المصرفي العمل بآليات تمويلية وتنموية فاعلة وقادرة لتنمية وتحديث الاقتصاد العربي وتعزيز قواعده الإنتاجية وتعميق وتكثيف التعاون الاقتصادي العربي سواء في مجالات تمويل الاستثمار العربي البيني أو التجارة العربية البينية، فالمصارف العربية وهي مستعدة للدخول في القرن الحادي والعشرين في ظل بيئة تشتد فيها حدة المنافسة يتطلب منها العمل على ضرورة إيجاد آليات جديدة للتعاون المصرفي العربي وايجاد تحالفات بين المصارف العربية تتيح لها إمكانية تبني إستراتيجيات قوية التوسع الجغرافي والتغلل السوقي، وفتح أسواق جديدة، وقيادة السوق وتحقيق تميز تنافس بابتكار خدمات ومنتجات جديدة أو التميز في طريقة التشغيل وجودة الخدمة أو الارتباط العميق بشرائح معينة من العملاء بزيادة القيمة المضافة من منظور العميل، بحيث يصبح توسيع حصتها في السوق المصرفية من خلال إيجاد مزايا تنافسية وتحقيق رضا العملاء.
|
|
|