كتبت لمياء باعشن كلاماً جميلاً منصفاً بحق هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (المجلة الثقافية - الخميس 18 جمادى الآخرة) واقترحت أن تناط بالهيئة مهمة محاربة التحرش بأنواعه، ونبهت الكاتبة الكريمة إلى ظاهرة قالت إن الهيئات تنفرد بها في أداء أعمالها وتتلخص في إتقان الأداء وسرعته ودقته، وتساءلت من أين يأتي رجال الهيئة بكل ذلك الإقبال على العمل والتأهب وإتقان الأداء المثير للإعجاب وكيف عجزت باقي الجهات الحكومية عن دفع موظفيها والارتقاء بأدائهم لذلك المستوى الرفيع من التفاني.
ما كتبته لمياء لن يعجب الكثير ممن يتصيدون الأخطاء الفردية للهيئات ويحكمون من خلالها على هذا الجهاز. وهنا لا أجد حاجة للتأكيد على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أي مجتمع فذلك أمر إلهي وكفى، والله أعلم بعباده وما يصلح أحوالهم، والأخطاء الفردية المحدودة يجب ألا تنسينا الجهود العظيمة التي تقوم بها الهيئات لحماية المجتمع. وهنا أناشد كل من نفسه شيء تجاه الهيئات أن يكون منصفاً والله تعالى يخاطب المؤمنين قائلاً سبحانه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى..?. إن جهود الهيئات في حماية المجتمع ودفع الشرور عنه جهود واضحة ومشكورة وقد رأيت أن حتى الذين لا يهمهم الجانب الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوصفه واجباً مرتاحين لما تقوم به الهيئات من جهود توفر لهم الطمأنينة وتمنع عن الناس كثيراً من الشرور.. ونكبر في الدولة حرصها على إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعم أجهزته، ولا يعني ما أسلفت أن يسكت عن خطأ يحصل من أفراد الهيئات فأبواب الشكوى مفتوحة وأبواب النقد البنّاء مشروعة والأمل أن تعالج رئاسة الهيئات أسباب ما يقع من أخطاء وأعتقد أن التدقيق في اختيار أعضاء الهيئات وخاصة العالمين في الميدان وفق معايير محددة وتنفيذ برامج تدريبية متواصلة تنمي قدراتهم الشخصية في التعامل مع الناس وإدراك مقاصد الشريعة وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شأنه أن ينقي الصورة التي ينبغي أن تكون مشرقة دائماً لهذا الجهاز.
أما تساؤلات الكاتبة الكريمة عن دوافع الإيجابية الملحوظة في أداء الهيئات فالذي يظهر لي أن وظيفة الهيئة لا ينظر إليها كأي وظيفة تؤدى انتظاراً لراتب شهري أو ترقية أو مركز وظيفي وإنما هناك دافع أقوى وهو أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر تعبدي قبل كل شيء وهو رسالة يشعر الكثيرون بالرضا والسعادة عند أدائها، والمهم أن يكون عمل المنتسب إلى الهيئة في حدود ما نظمته الشريعة وما يحدده ولي الأمر ويراه محققاً للمصالح ودارئاً للمفاسد. وهنا أقول إن معظم الأخطاء التي تأتي من بعض منتسبي الهيئات تكون بسبب حماس غير رشيد وجهل بمقاصد الشريعة غير حميد، ولهذا فإنني متفائل بسهولة تصحح ما يوجد من أخطاء ليكون رجال الهيئات أصدقاء لكل المجتمع وما ذلك بصعب ولا ببعيد.
عبدالله بن سعد المزروع - الرياض