قفوا عن الصُّبح في أيديكمُ ليلُ
وما لليلِكمُ عزمٌ وتعليلُ
بئس النيات لقد صارت ستائرُها
شفَّافةً خلفها التِّنين والغول
كم تابِعٍ ملَّ منه الرَّقصُ من زمنٍ
أليس ملَّ من الأذناب تطبيل!؟
لم يبق في حيرة النعمان متَّكأٌ [1]
للعابرين ولا بصرى بها خيل
كلُّ الخيول إلى ذي قار عاجزةٌ [2]
وكلُّ حرٍّ بقهر الظُّلمِ مغلول
تكهَّفَ العزمُ في قاعات من غفلوا
فالثَّأر كأسٌ وأنغامٌ وتمثيل
مات الطموحُ على الأهواءِ منتحراً
كيف النهوضُ وما للخصم مصقول؟
سيوفنا صدئِتْ مثل النفوس فما
للقوم طولٌ إذا ما هاجمَ الطول
في الاجتماع هبوبُ الرِّيح وحدتُنا
وفي التفرُّق لغزُ اللهوِ محلول
طالت سنونك يا نعمان لستَ حمى
وما لكسرى برفْضِ القصد مقتول
وما لشيبان إقحامٌ يؤازره
أين الألى عزمُهم للعار موصول؟
لا لا تقل ليَ إنَّ الغيرة اندثرتْ
وإنَّ محميَّكم بالزَّيغ مبذول
إنْ.. للوشاية تصديقٌ يؤكَّدها
فللحماية في الحاليْن [تدليل]
أسباب ذي قار غابت وهي سافرةٌ
وبعض غيباتها علمٌ وتحصيل
من مدخل الأمن حلَّ الضِّدُّ منتعلاً
تقدُّماً كلُّ شيءٍ فيه مقبول
فللفضاءِ مضاءٌ في تواصلنا
وفي الرحيل هوىً بالوهن مأهول
فكم قناةٍ لأوج الفحشِ ناشرةٍ
وكم قناةٍ لها في .. الإثم تسهيل
وكم ذهابٍ غدت - بيضاً- حقائبه
.. عادت بها من سواد الليل تشكيل
أمَّا على [النِّت] كم من جوقةٍ عكفتْ
للقبْحِ إعلامها زورٌ وتضليل
وكم لحىً وسَّعتْ بالدين ثروتها
ونصحها تستحي من الأباطيل!
تُسابِقُ الرِّيحَ تحقيقاً لشهرتها
فالدُّون بينهما يرعاه تبجيل
فتارةً باندماج الفنِّ حجَّتُها
وتارةً من فم [ التَّأليف] منقول
حتى الألى كانت الألباب تتبعهم
أضحى لهم لارتكاب الريح تأويل
واليعربيون أعلامٌ مذبذبةٌ
يقتات أمالهم قتلٌ وتنكيل!
من رام صيداً لتنأى من مصائده
أسرابُ صيدٍ - بلا شكٍّ لمخبول
ما كل ُّ من قال إنِّي منتمٍ نسباً
ليعربٍ زانه صدْقٌ وتأصيل
وليس من قال إنِّي مسلمٌ صدقتْ
دعواه ما لم يكن للقول تفعيل
ما للمعارك معنى في معاجمنا
وما لقادتها رأيٌ وتفصيل
لن ينهض الفارسُ الطَّيار في زمني [3]
ولن يباده للأخيار مسلول
أيام مؤتة أغفلنا نتائجها
فكيف يُصنَع لليرموك تأهيل؟
فالظلم مفترسٌ والحرُّ معتَقلٌ
واللهو منتشرٌ والثأر مملول
من يبلغ الحارثَ المنزوعَ من طمعٍ [4]
لقيصٍر إنَّ ما يرجوه مأمول
لن يطرقَ الرُّعبُ بالإصباح منزله
وليس بالبوح للغاوين مرسول
فليقتل الجورُ أهلَ الخير مقتدراً
مهما يكونوا فعذر البغي معقول
وليجمع القاهرون الحبَّ ما أُمِروا
من الإتاوات إنَّ النَّقلَ تحويل
لن يُحرجَ العرْبَ تأجيلٌ لما ادخروا
ولن يشقَّ على الإنتاج تحصيل
كلُّ القوافل أرقامٌ مشفَّرةٌ
ما أسهل الذنبَّ إلا أنه ويل!
إشباعُ أطماعِ كسرى والقياصر ما
صعباً بل الصعبُ أن يُضنى به الجيل
كم جاذبَ الخيرُ آلاماً مشتَّتةً
فكان للشرِّ في التَّفريق تجميل
وكان ما كان من سفكٍ لآمنةٍ
لم يرع عهداً ولم يُفحمه تمويل
كثيرةٌ هي ويلات التَّمزُّق لو
تحكي لضاق بها نشرٌ وتحليل
كذا جُبلْنا إذا نام الشِّقاق لنا
بالوشْيِ للوهن إذلالٌ وتقتيل [5]
لو يسمع النَّأيُ صوت العقل ما هُدِمتْ [6]
عرى ولا عاث في أجوائها ليل
يا عاصراً عنوةً جهدَ المقلِّ لمن
لم يرحموا الجهدَ في آتٍ له القيل
للضغط في الفجر معنى لن يقيم لهم
وزناً وسعيٌ هواة الغدر معزول
إذا كويت ذواتي قد يكون لها
بالكيِّ برءٌ ووعد الله موصول [7]
ذاك الصَّهيل الذي هزَّت جحافلُه
مدائناً بالغدِ الآتي لَمشغول
إنْ يجهل اليومُ عزمَ الأمسِ منصرفاً
ففي غدٍ ليس بالآتين مجهول
لن يُرْهِب القادمَ المغوارَ مبتهلاً
[لادارُ ظلمٍ] وإعدادٌ وتهويل
إنْ كان للبغيِ قدْراتٌ مجهَّزةٌ
فللضياغم تكبيرٌ وتهليل
لم تنتهِ الشَّمسُ بل في الفجر سوف تُرى
مشارقٌ ما لها في الزَّحف تأجيل
يخبوا بها كلُّ جوَّارٍ ومتَّبعٍ
ويستجدُّ لخير الخلق تأثيل
هل يعرفِ الغاشم الطاغي بأنَّ [لِكُنْ]
.. من المهيمن للأبرار مدلول؟
****
الهامش
1- حيرة النعمان بن المنذر
2- معركة ذي قار
3- جعفر بن أبي طالب والمسلول خالد بن الوليد
4- الحارث الغساني
5- وشاية زيد بن عدي المعروفة
6- المقصود بصوت العقل دعوات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - حفظه الله- المتكررة للتضامن ونبذ الاختلاف من جانب والدعوة للسلم من جانب آخر
7- أخذاً من آيات نصر الله لعباده
dammas3@hotmail.com