تتعرض لوحات الفنانين التشكيليين إلى أنواع مختلفة من التعامل بناء على وعي المسئول وعلاقته الحقيقية بالفن وإحساسه بأهميته وأهمية الأعمال الفنية وأنها تمثل ثقافة وهوية وتاريخا بما تتضمنه من أفكار أو أشكال أو صيغ، أيضا بأسماء أصحابها وتاريخهم وأهميتهم، جوانب كثيرة تحملها اللوحة أو العمل الفني يطول الحديث عنها، وحركة المعارض في بدايات النشاطات التشكيلية في المملكة والسعي للتشجيع باقتناء لوحات وأعمال فنية كثيرة مقدمة للعرض لفنانين وهواة بل وكل فئات الممارسين للرسم أو النحت أو الأعمال التطبيقية ممن شاركوا بداية في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب المركزية حينما كانت تقيم ثلاثة إلى أربعة معارض في العام الواحد(معرض الفن السعودي المعاصر ومعرض العام للمقتنيات ومعرض المناطق ومعرض المراسم) وربما غيرها وكانت أعمال هذه المعارض خاضعة للاقتناء وهو ما حمّل الرئاسة مسئولية كبيرة تجاهها فهي تدفع لها مقابلا وتكون فيما بعد ملكا لها وكم من زيارة لنا إلى الرئاسة أو مستودعاتها حيث تراكم الأعمال فلا نجد بداً من أن سؤال أنفسنا أين ستذهب هذه الأعمال وما أوجه الاستفادة منها؟؟
قبل أكثر من عشرة أعوام شاهدت أعمال عدد من فناني المنطقة الشرقية في إحدى المدارس الابتدائية أخذها مدير المدرسة من أحد المواقع مرمية جوار صندوق القمامة فلم يتردد في شحنها جميعاً وتنظيفها من أغبرتها وأوساخها ليكلف معلم التربية الفنية بعرضها في رواق المدرسة الكبير وعلى حوائط الفصول الدراسية لتكون على الأقل أمام الطلبة والمعلمين وزوار المدرسة وأتمنى أن تكون تلك الأعمال باقية حتى الآن، وهي وجدت بمحاذاة الاستاد الرياضي في الدمام كما قال لي مدير المدرسة مؤرخ بعضها بالسبعينات الميلادية لفنانين من المنطقة الشرقية، استعدت هذه الحادثة بعد أن أخبرني الزميلان الفنانان محمد الصندل وأحمد السبت عن قصة إتلاف لوحتيهما مع عدد من اللوحات كانت معلقة في مقر جمعية الثقافة والفنون بالأحساء فقد وجه أحد مسئولي الجمعية عامل النظافة بالفرع لإتلاف الأعمال ورميهما في صندوق القمامة خارج مقر الجمعية وحكاية الزميلين لم أسمع بها من قبل فما يحدث عادة هو إهمال أو عدم الاهتمام برص الأعمال الفنية بطريقة صحيحة وهو ما يُحدث لها عطبا كجرح أو شق أو خرم أو خلافه من تأثير الإهمال والتراص غير الصحيح وقد حدث لي وغيري كثير من ذلك، وهذه الحالات تستوجب من وجهة نظري تعويضا كاملا للفنان أو الفنانة صاحب العمل عن قيمة العمل ولكن ما يبرر به المسئولون عن المعارض أنه لا توجد في ميزانياتهم المبالغ المخصصة لذلك ولذا فإنه من الأهمية أن توضع في الاعتبار هذه الوقائع، والواقع أن عددا من الجهات المنظمة للأنشطة أو المعارض يهمها أن تقيم نشاطاتها بداية بالإلحاح على الفنانين بالمشاركة وبعد انتهائها تبدأ الأعذار والتأخر في إرسال الأعمال بدرجة أوقفت عددا من زملائنا عن المشاركات ولعل عبدالحميد البقشي واحدا منهم فقد فَقَدَ بعض أعماله كما أن بعضها لم يسلم من العطب وأنا شخصيا وقع لي مثل ذلك بل وأكثر بحيث فقدت أحد أعمالي بعد معرض إقامته وزارة الثقافة والإعلام عام 2007، كانت لوحة كبيرة بمقاس (متران في متر) لا مجال لشرحها هنا.
أعود إلى حال الأعمال الفنية والفنانين ومن المسئول؟ ومن يتحمل إعطاب الأعمال الفنية؟ بل من يعاقب المهملين مثل ما حدث في جمعية الثقافة والفنون بالإحساء؟ وكيف يمكن تعويض أصحاب اللوحات؟ بل وكيف يمكننا أن نطلب من فنان مثل محمد الصندل وقد تجاوز الستين أن يعيد رسم لوحة تجاوز عمرها خمسا وثلاثين عاما؟
لا شك أن جهات رسمية وخاصة معنية بالإجابة على مثل هذا السؤال مع معرفتنا أن وزارة الثقافة والإعلام مثلا بدأت تقنن الاقتناء في معارضها الأخيرة ولكن الأمر الآن يتسع إلى معارض تقيمها جهات كثيرة كالقاعات الخاصة وجهات كوزارة الخارجية والجنادرية وجمعية الثقافة والفنون ومعارض خارجية تقيمها وزارة الثقافة والإعلام ومعرض باحة الفنون الذي ينتظر الفنانون المتقدمون للمشاركة في آخر دوراته أعمالهم منذ أكثر من أربعة أعوام، والدائرة تتسع.
-
solimanart@gmail.com