تحمل ندى الحمصي على أكتافها عبء نحو ثلاثة عقود من العمل الإبداعي، بدأت أولى خطواته في المسرح يوم كانت طالبة أدب إنجليزي في جامعة دمشق، ثم مدت نشاطها تالياً إلى تجارب في السينما والتلفزيون، لكن حبها وهمها ظل في المسرح الذي يبدو أنها قررت أن لا تغادره إلى غيره مهما كانت المغريات.
في محصلة أعمال ندى الحمصي المسرحية أعمال كثيرة، لكن الأبرز فيها رسول من قرية تميرة، والحفارة، لكع بن لكع، العائلة توت، ثورة الزنج، برج الحمام الجديد، الاختيار، موزاييك، طابعان على الآلة الكاتبة، فجر وغروب، فتاة تدعى ياسمين.
وأهمية الأعمال المسرحية التي قدمتها ندى الحمصي لا تتصل بأهمية موضوعاتها ونصوصها فقط وبينها نصوص عربية وعالمية، بل أيضاً من اشتغال مخرجين متمرسين معها، وبين مخرجي هذه الأعمال الراحل فواز الساجر، جواد الأسدي، رياض عصمت، ومحمد قارصلي.
وإذا كانت ندى الحمصي قدمت أعمالها على المسرح السوري، فقد انتقل عدد من أعمالها إلى مسارح عربية وأاجنبية، جهدت فيها من أجل أن تقدم صورة حقيقية للمرأة وللحياة العربية إلى المشاهد الآخر، وهو جهد قصر عن القيام به دبلوماسون وإعلاميون عرب، فقررت أن تجعله همها وانشغالها وقضيتها الشخصية، حين استقرت حياتها في النصف الغربي من العالم، كما تقول.
وقد أعقبت هذا التحول بتحول آخر من خلال التوجه إلى المسرح الإيمائي الذي لم تكن في فضائه قبل أن تنخرط في تعليم اختصاصي لهذا الفن قليل الحضور في الحياة العربية، ثم أضافت إليه مطالعات وتجارب شخصية، لتعزز وتقوي اختصاصها الجديد والصعب في آن معا والذي يتطلب الإتقان العضلي والنفسي بسبب اختلافه عن التمثيل الدارج، ويحتاج مزاجاً مناسباً ومتناغماً وقدرة عضلية هائلة، لجعل لغة الإيماء تصل إلى الجميع، الكبار والصغار، المثقفين والعاديين، المحليين والغرباء، بنفس الدرجة.
ندى حمصي قدمت في العقد الأخير مجموعة تجارب في المسرح الإيمائي بمشاركة نصوص وإخراج محمد قارصلي، تنقلت فيها بين نصف العالم الغربي والمنطقة العربية. وفي كل مكان عرضت فيه أعمالها صفق الجمهور بانفعال شديد، الأمر الذي لا يعني أنها أجادت عملها فقط، بل يعني أيضاً أن رسالتها للجمهور وصلت، وهو الهدف الذي جعلته هدفاً لانخراطها في العمل الإبداعي.
- دمشق