كان الاستفهام الأهم الذي واجه اللجنة الثقافية وهي تقترح اسم الشيخ محاضراً: عمّ يحاضر؟
وبقي السؤال الذي يواجهه صاحبكم بحضرته: كيف يقدمه؟
وكدنا نقول: لتكن المحاضرة «دون عنوان»، وكدت أكتفي بأنه «أبو عبد الرحمن».
وفي كلا الحالين؛ قلنا أم صمتنا، أطنبنا أم أوجزنا؛ فنحن أمام علم ترسمه صورة العالم، وشيخ تتمثّل فيه حيوية الشباب، ومحافظ لا تحكمه القيود، ومجدد لا يتخطى ثوابت الحدود.
- مرجع، بل مجمع، ومتعدّد في مفرد، وشمولي ومتخصص، وحجة ثبت في علوم الشريعة واللغة والأصول كما الرواية والكلام والفلسفة والفن والجمال.
سميناه في ثقافية الجزيرة: العلماء، وسماه غيرنا العلاَّمة والموسوعي وخزانة المعلومات، وهو صاحب المؤلفات المئة، ومن علمه «وردزورث» مثلما علّمه»ابن حزم»، وكتب نظراته اللاهية كما أذاع «تفسير التفاسير»، واجتذبنا -يوم كنا فتية- فقرأنا له «نواح القميري» وأشعل الجدل فينا وبيننا: من كنا فيروزيين ومن كانوا نجاتيين، ثم لذنا بصمتنا حين استعاروا صوته.
عرفنا فيه ومنه التسامي والتسامح، والمراجعة والتراجع، والقول ورد القول؛ وأعيانا أن لم نكن نقرؤه باسترخاء، وكذا يكون العطاء، ومعه نفهم توقد الاستدعاء لا توهم الاستعلاء.
تخرّج في مؤسسة تعليمية تقليدية فخرج عنها لا عليها، واعتمر لقب الظاهري تميزاً لا تحيزاً، وتابعناه ووعيناه يبدع ويمتع، ويتفرّد ولا يتمرّد، ويشجيه الأنين والحنين ويتعبد بالعلق والتين.
* مجتزأ من تقديم محاضرة بمعرض الكتاب