لكم أشعر بالغبطة والسرور حينما اقرأ ما يكتبه شبابنا عن شوقهم لوطنهم وحنينهم إليه لأن ذلك في اعتقادي ما هو إلا نتيجة لشعورهم بالغربة والمقارنة بين وطنهم الذي نشأوا فيه وبين الأوطان الأخرى التي لا يشعرون فيها بالراحة واطمئنان النفس والقلب وكم أن يتاح لكل شاب أن يغترب ولو لفترة ليكتشف بنفسه قيمة الوطن وتراث العرب من شعر ونثر وقصص مليئة بحب الوطن والتغني والحنين إليه ليس للإنسان فحسب ولكن لكل الكائنات الحية ولو أنها لا تنطق ولا تتكلم ولا تقدر على البوح بهذا الحب.
فهذا الشاعر أحمد شوقي يتحدث شعراً عن الوطن وأنه لا يعدل الوطن شيء في هذه الحياة على لسان عصفورتين في صورة شعرية تمثلية رائعة:
ويقول شوقي:
عصفورتان في الحجاز
هلتا على فنن
في خامل من الرياض
لا ند ولا حسن
حباً وقال درتان
في وعاء ممتهن
قالت له إحداهما:
والنطق عند الطير فنن
هب جنة الخلد اليمن
لا شيء يعدل الوطن
بهذه الصورة الشعرية البديعة والحوار الجذاب بين الريح وبين العصفورتين استطاع أحمد شوقي أن ينفذ إلى قلوبنا ومشاعرنا ليعمق فيها حب الوطن.
وقال شاعر آخر:
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وأن ضنوا علي كرام
وهناك الكثير من قطع الشعر والنثر العربي لكتاب وشعراء ذاقوا مرارة الغربة فهاجت قرائحهم بما ينم عن شوقهم وحبهم لوطنهم.
وقد أتيح لي السفر إلى بلاد ذات حضارة وذات جمال آسر، ولكني في الحقيقة لم أجد تلك اللحظات السعيدة الهانئة التي أجدها هنا حينما أكون في مكة أو في المدينة أو الأحساء أو مع صبا الصحراء وعرارها وخزامها وشطآنها ومع رمال بلادي الجميلة. ومع أجمل الذكريات وأعز الأمنيات.. لقد دعاني إلى الحديث عن الوطن وحب الوطن.
عزيزي القارئ: ما أراه من استهانة بعضنا به وحبهم الإقامة في الخارج
ولكني أغتبط أشد الاغتباط حينما أراهم يعودون سريعاً أو يذيبون قلوبهم لوعة وشوقاً فيما يكتبونه عن وطنهم.
* الرياض