كتب - كمال الداية:
حفلت مسيرة الأكاديمية البارزة د.هند بنت تركي السديري، بعديد من المحطات المثرية والمهمة، من أبرزها الإصدارات التي أثرت بها المكتبة السعودية والعربية، وكانت بين إصدارات ضمن إطار التخصص العلمي الذي برعت فيه، وإصدارات عكست فيها الجانب الاجتماعي والإنساني، وكشفت عن حبها الكبير لوالدها الراحل الأستاذ: تركي بن عبدالله السديري، الذي كان أحد أهم مؤسسي الصحافة السعودية، والحديث عن علم بارز مثله يطول، ومن الكتب التي تعكس اهتمام د.هند بسيرة والدها كتابها: «كائن الفرح والشعر»، تقول: «محتويات هذا الكتاب في معظمها مقالات في الأدب، والشعر، والتاريخ، وانعكاسات للتطورات المجتمعية. تأخذنا بعض هذه المقالات إلى الماضي البعيد، إلى بيت شعر لماح يحمل الكثير من الحكمة بين شطريه، أو طرفة تاريخية تحمل معها درسًا إنسانيًا. تحمل هذه المختارات صورًا ثقافية لأزمنة إسلامية مختلفة، وتذوقا رفيع المستوى. وهي إضافة تاريخية لأحداث لا تدرس في المدارس، ولكن تحملها طيات كتب الأدب. الكتابات الأدبية تعيد صورًا موغلة في القدم، تعيدها حية بكل امتداداتها الثقافية والاجتماعية والسياسية في ذهن القارئ، هذه القراءات تربطنا بتجارب أدبية سابقة، معيدة إياها في وهج أدبي مترف، وتربطنا بتجارب سابقة للإنسانية، بحيث يمكن للقارئ التواصل مع تاريخه المتغير عبر العصور.
هذا الكتاب هو إعادة نشر لبعض مقالات الوالد تركي العبد الله السديري. مقالات لا ترتبط بزمن معين؛ فموضوعها أبدي، يستهوي القارئ المثقف الباحث عن الأدب والتاريخ والشعر في طرح لطيف راق. لا أزعم أنه انتقائي ودار ميلاد.
في سحب بعض الكتابات التي تميل إلى أن تكون خاطرة أكثر منها مقالا، أو قد تكون قصة، ولكني جمعتها، وطبعتها، ووضعت لها ذات العنوان الذي اختاره لها. ومن حق القارئ أن يعرف كيف وصل هذا الكتاب إليه، وهذه هي القصة:
حين عملت على نشر إنتاجه القصصي تواردت علي رسائل وتساؤلات شتى، وماذا عن مقالاته؟! احترت كيف سأجمع المقالات؟ وكيف سأرتبها؟ وهو كتب على مدى أكثر من أربعين عاما، ليست فقط كتاباته اليومية، ولكن أيضًا هناك الأسبوعية. ولكن القرار جاء بسيطا وواضحا، وكأنه -رحمه الله- كان سيعرف بحيرتي حين أبلغني أ. بدر المخضب من «جريدة الرياض» بأن المقالات موجودة، وقد أشرف الوالد بنفسه على ترتيبها، وتقسيمها إلى أربعة كتب منها اثنان يحملان ذات العنوان، فكأنه جزأين.
بعد ذلك تحدثت مع الدكتور أمين سيدو، الذي شجعني على العودة لها، وأكد أنه راجعها، ورتبها مع الوالد، وبذل جهدًا في ذلك. حينها قررت الاطلاع عليها، وطلبتها من جريدة الرياض، وتم إرسالها لي، ولهم جزيل الشكر.
راجعتها جميعًا، وأبقيت عناوينها، ولكن تدخلت تدخلا طفيفا بسحب القصة والخاطرة لنشرهما في كتابين مستقلين.
حرص الوالد في الترتيب واضح؛ فهو يلغي أجزاء من صفحة، ينتقي النص المراد، وإن كان قد أبقى معظمها كما هي. حرصت جدا أن أعيد طباعتها، وبذلت جهدا في كتابتها لأنها جميعها أتت صورًا فقط، وقد ساعدني الأستاذ محمد حداد - مشكورا - فيها.
وأتقدم بالشكر لدار تشكيل على اهتمامهم ومتابعتهم المستمرة وأخص بالذكر الأستاذ أحمد سالم الذي بقي على تواصل حتى لحظة إنهاء طباعة الكتاب.
وتستكمل د.هند مسيرة الوفاء لوالدها الراحل الأستاذ تركي بن عبدالله السديري، لتصدر عنه كتاب: «أوراق من حقيبة صحفي»، الذي صدرته بقولها: «عرف تركي بن عبدالله السديري كصحفي وكاتب سياسي رفيع المستوى كما ارتبط اسمه بجريدة الرياض وغلب عليه، كان البعض حين تختلط عليه الأسماء في تعريفي بنفسي يكفيه أن أقول جريدة الرياض ليعرف من والدي، بعض مقالاته تميل إلى الجانب الثقافي والجمالي وكتب في الفن والتاريخ وغيرها من المجالات المتعددة للمعرفة، لكنه لم يعرف كقاص. هذا الجانب الإبداعي توارى خلف قوة التحليل السياسي الذي اشتهر به وجعله مطلبا للقنوات التلفزيونية ووجهت له دعوات من شخصيات اعتبارية من مختلف أرجاء الوطن العربي لإجراء مقابلات معها حتى أخذه الجانب السياسي تماما واكتفى به ما عدا بعض المقالات غير القصصية التي كان فيها يعود إلى لغته ومواضيعه الجمالية والرومانسية بعيدا عن صخب السياسة.
لا أعرف على وجه التحديد متى بدأ شغف والدي بالصحافة وكتابة القصص، لكني أذكر عثوري على عدة أعداد من مجلات من إعداده كتبها على كراسات مدرسية تشبه مجلة الهلال إلى حد ما. كان قد أعطاها عنوانا للأسف لا أتذكره ولها أرقام وتواريخ. وقام بتبويب المجلة لعدة أقسام وكتب في كل قسم بخط يده أحد الأبواب كان قصة العدد. حين وجدت هذه المجلات كنت صغيرة السن وأعتقد لم أكن اتجاوز الثامنة أو التاسعة من عمري.
معة كانت مكتبة والدي هي مكاني المفضل في طفولتي والتي كانت ملحقة بمجلسه الذي يستقبل فيه أصحابه أقلب في الكتب وأتفرج على الصور واستمتع بتدليع والدي ورفقائه. لكن مجلته استرعت انتباهي وأتذكر لون الورق المصفر فهل كان من القدم! لا أعرف ولم أتكلم. بخصوصها أبدا ثم اختفت هذه المجلات «الشخصية» حين انتقلنا لمنزل آخر وأتوقع أن من قام بتوضيب الكتب لم ير لها أهمية فتخلص منها. هذا الشيء الوحيد الذي كنت أعرفه عن الجانب الأدبي من شخصيته طبعا إذا استثنينا حفظه للشعر وتذوقه للفن بجميع أشكاله وقراءته المتعددة لجميع المشارب العلمية والثقافية. بعد وفاته في مايو 2017 كان علي مراجعة مكتبته بعد أن قررت الأسرة التبرع بها وجعلها صدقة جارية لطلاب العلم ووقع الاختيار على مكتبة الملك سلمان بجامعة الملك سعود وهي الجامعة التي درس بها.
كان يرحمه الله يحتفظ ببعض خزائن الكتب في غرفته الشخصية لذا بدأت بها لكونها أقل عددا وكانت المفاجأة عثوري على 13 قصة من القصص المنشورة له في فترة التسعينيات من القرن الماضي وإحداها تاريخها 1971 وكانت مطبوعة على ورق مصقول كان هذا اكتشافا بالنسبة لي وبدأت بالقراءة لأجد القصص أرثا أدبيا مهما. وقفت مبهورة باكتشافي واحتفظت بالقصص لا أعرف ماذا سأفعل بها لكنها شكلت حبلا سريا ربطني بمن غاب.
بدأت بالبحث والسؤال وكان أ. سعد الحميدين صديقه وزميله خير معين لي فتحدث معي وشرح لي متى بدأ وساعدني في الحصول على بعض النسخ بعدها اتجهت للجريدة وتواصلت مع أ. بدر المخضب الذي زودني بكل الأرشيف المتوافر. بقيت قصتان لم نعرف أنا والأستاذ سعد كيف نصل إليهما أولى القصص المنشورة ويعود تاريخها إلى عام 1378 وهذا يعني أنه كتبها قبل التحاقه بالجامعة، نشرت القصة في مجلة الأضواء التي صدر منها عدة أعداد ثم توقفت وكانت تصدر في مدينة جدة ويرأس تحريرها الأستاذ محمد سعيد باعشن، هذه القصة استمر البحث عنها عدة شهور ولانتشار فيروس كورونا وظروف الحظر صعب الوصول إليها، كنت أبحث من جهتي وأيضا أ. سعد من جهته ولم نجدها إلا في نهاية شهر أغسطس 2020 حيث وصلتني من الدكتورة دلال الحربي ومن الأستاذ سعد الحميدين. أما ثاني قصصه المشهورة فقد كان عناء العثور عليها أقل وجدتها عند الأستاذ سعد الحميدين إلا أنها كانت ناقصة صفحتين وبحثنا أنا وأ. سعد حتى وجدتها لدى أ. أميمة الخميس التي أرسلتها مشكورة لي.
تدور معظم القصص في محيط الكاتب السعودي ويتضح فيها تأثره بالبيئة التي عاش فيها كما تعكس تجربته الشخصية مثل قصة «خريف الليمون» فمقدمتها تستدعي صورا من مسقط رأسه مدينة الغاط مثل حركة السيدات في الطرق وبساتين النخل. كذلك يوظف بعض العادات والمقولات الشعبية لربط القصة بالبيئة النجدية مثل الغزلان التي تروي الأطفال بالماء إذا ناموا وهذا ما كانت الأمهات يهدهدن به أطفالهن ليناموا والصفيحة النحاسية (المقرصة الحامية التي أجزم أن الكثيرين ما زالوا يذكرون خوفهم منها حين يخطئون أو يقولون ما يستلزم التعنيف. كانت ملاحظاته دقيقة وهناك رقة في التذوق الجمالي للحياة وهذه إحدى خصاله، فهو كثيرا ما كان يقف أمام إحدى اللوحات الفنية ثم يلتفت ليوضح علاقة ما بين اللوحة ووصف أحد الشعراء مثل كثبان الرمل ونسيت بيت الشعر النبطي الذي قاله لي في إحدى المرات وهو يتأمل لوحة لكثبان النفود الحمراء.
أولى القصص نشرت في عام 1378 وفي تلك الفترة كان القصص الأغلب عليها هو الرومانسي والنهايات السعيدة إلا أن القارئ لن يجد ذلك في معظم القصص ففي القصة الأولى للقاص نجد أن الزوجة تنفصل عن زوجها بعد فشلها في استعادته لبيتها وحضنها الأسري. في اعتقادي أن القاص يحمل رسالة مجتمعية حملها على عاتقه وهو لم يكمل سن السابعة عشرة الهدف من كتابته كان تسليط الضوء على معاناة وإشكالات اجتماعية مع تطور المجتمع ودخول عوامل جديدة في المجتمع الحديث الناشئ الذي بدأ ينمو ويشرئب لمستقبل أفضل عبر مراجعة بعض القناعات وتقبل التجديد المجتمعي والعملي.
القصص الأولى تدور في أغلبها حول المرأة إذا استثنينا القصة الثانية (الجياع) وكل قصة تقدم لوحة اجتماعية متكاملة تطرح مشكلة وتتخذ من محافظة الرياض في الأغلب موقعا لأحداثها وهي تأريخ لتلك المرحلة والمعاناة التي كانت موجودة.
سيجد القارئ ثقافة عالية وإلماماً واسعاً بالثقافات الأخرى وبعض القصص تتعدى المجال العربي وتجنح إلى الميثولوجيا اليونانية والرومانية «مثل قصة «جوبيتر». كما يتضح تأثر القاص بالأدب المترجم في قصته الثانية «الجياع» بالرغم من أنها تعكس الأوضاع الاقتصادية في ذلك الوقت إلا أن أثر الأدب المترجم واضح جدا وأيضا التأثر بأسلوب الكاتب الأمريكي أرنست هيمنجواي في أسلوب الكتابة وقصر الجمل.
تندرج هذه المجموعة القصصية في أغلبها تحت مسمى السرد الواقعي وهي إما تحكى من وجهة نظر سارد خارجي وهي الطريقة التقليدية أو من خلال حوار ينقل وجهة نظر أحادية حيث إن الطرف الآخر لا نسمعه ولكن ينقله لنا السارد. جميع هذه القصص نشرت في ثلاثة أوعية للنشر هي على التوالي: مجلة الأضواء ثم مجلة اليمامة والقسم الأكبر في جريدة الرياض. على عكس الكثير من النشر القصصي في الصحف تتميز هذه القصص بوجود رسومات لسيدات في النشر الأصلي».
وتتبع الأكاديمية د.هند السديري سيرة والدها في إصدارها: «كان هنا»، لتكشف فيه تفاصيل حياة تركي الإنسان والأب تقول: «هذا الكتاب ليس سيرة ملك الصحافة تركي بن عبد الله السديري ولكنه شريان يمتد بين أب وابنته، كاتبة الكتاب، وهي أنا، أتحرّر فيه من هند الأستاذة الأكاديمية، وأخلع عباءة الباحث الأكاديمي، وأبقى فيه البنت المفجوعة التي تدور في أزقة الضياع والشوق والحرمان اللا متناهية. بعض الصفحات تظهر الطفلة هند والأب الحاني تركي، وفي أخرى نجد الأب المربي والبنت العنيدة. صفحات اعتصرتها من ذكريات مضت بعضها غيبه النسيان لكنه عاد في بركان الفقد ومحاولة جمع بعض مما كان.
أنا لا أزعم وأنفي بشدة أن يكون هذا الكتاب سيرة رجل عظيم مثل عراب الصحافة الخليجية، ولكنه تدفّق مشاعر وذكريات ومواقف مرت به وكنتُ حاضرة لها، واستبعدت ما لم أحضره إلا حين يكون المتحدث ثقة وأعرفه جيدا. خلال كتابتي لهذه الذكريات وجدتني أغوص عميقًا في حياة والدي وتظهر أسئلة وددت لو كان معي لأساله.... كيف غابت عني هذه الحيرة حين كنت بجانبه ومعه؟ من المؤسف أننا لا نعي أهمية المعلومات إلا بعد أن يمر الوقت ويذهب صاحب الإجابة. لم يكن والدي يتحدث كثيرا عن طفولته أو عمله معنا.
فكرة الكتاب كانت بتشجيع من الأستاذ منصور النقيدان وأنا ممتنة جدا له، والذي لاحظ حرقتي فنصحني بالكتابة. وتبلور الموضوع في ذهني خلال نقاشاتي مع الصديقة الدكتورة طرفة الغنام، ولهما الفضل في خروج هذا الكتاب حين توفي والدي ولعدة أشهر لم أتوقف عن البكاء، أذكر أنني كنت أشارك بمؤتمر في جزيرة موريشس، وفي العودة كنت أعرف أنني لن أجده أمامي حين أدخل غرفته لأسلم عليه وأخبره عن رحلتي وأجيب عن أسئلته التي عادة تدور حول المكان والثقافة أجهشت بالبكاء طوال الرحلة وكانت على الخطوط الإماراتية. حين وصلت تقدم مني المضيف وسألني عما ضايقني وجعلني أبكي طوال الرحلة، وهل هناك خطأ من المضيفة أو أحد الركاب؟ أشرتُ بـ «لا» ونزلت.
تجنّبت صديقاتي الحديث عن الأهل والأب بالذات في حضوري منعًا لأي انهيار لي. بدأ بوحي على تطبيق السناب تشات» حيث كنت أكتب عن شوقي للفقيد وأضع صوره، ويبدو أن البعض كان يخاف علي من هذا الحنين، أذكر أن الصديق الدكتورة طرفة الغنام فاجأتني باتصال، وأنا في تركيا تسألني عن إذا كان معي أحد وإلا فإنها قادمة في اليوم التالي. بعد ذلك اتجهت إلى تطبيق «تويتر» الذي وجدت فيه مجتمعا كبيرا محبا للغالي الراحل، وبدأ الكثير يكتب لي عن مواقف النبل التي عُرف بها والدي، ولكن الألم لم يغادرني كانت وما زالت تنتابني وتعاودني غزوات ألم وحنين تقربني من الكآبة التي كنت أحاول تجنبها بالعمل والقراءة.
أضع بين يدي القارئ ذكريات ومواقف لي مع والدي. ساعدني في جمع معلومات العمل صديقي الوالد ورفيقي دربه أ. يوسف الكويليت، وأ. سعد الحميدين، والعم إبراهيم القدير، ولطالما تحدثت معهم عن بعض المواقف حتى قبل أن تظهر فكرة الكتاب ولهم مني كل الشكر والتقدير.
كما حفلت مسيرة د.هند بنت تركي السديري، بإصدار الكتب التي تعكس تخصصها العلمي حيث ترجمت كتاب: «التاريخ: الاستفادة منه أم استباحته»، لمارجريت ماكميلان، وهو من إصدار دار جامعة الملك سعود، وتبين سبب اختيارها لهذا الكتاب وترجمته بقولها: «كتاب التاريخ: الاستفادة منه أم استباحته لأستاذة التاريخ الكندية مارجريت ماكميلان بجامعة أكسفورد ممتع ومفيد جداً كما يقدم بانوراما متنوعة من الأحداث والقراءات التاريخية لها بلغة بسيطة سلسة وتغطي فيه الكاتبه نطاقاً واسعاً من تاريخ العالم الذي قد يكون مفخرة للبعض ومؤلماً للبعض الآخر ومذكرا بأحداث أليمة.
كما تناقش الكاتبة فيه كيفية استخدام الإنسان للتاريخ وكيف يسيئ أحياناً استخدامه له، فقد يكون التاريخ محرضاً لأعمال قومية أو زعامة دولية أو انتكاسة اقتصادية واجتماعية وسياسية والكاتبة تقدم أمثلة تاريخية لكل فكرة تطرحها مما يوضح المعنى ويزيد من قوة الفكرة المطروحة.
تبين الكاتبة كيف قام العديد من السياسيين والقادة بالإساءة إلى التاريخ وتطويعه ليخدم مصالحهم مما نتج عنه تاريخ مزيف أفرز مزيداً من القهر والألم وتمثل على ذلك الزعيم الألماني النازي رودلف هتلر وكيفية تعامله مع اليهود. ومما استشهدت به كذلك اليونان حين تناست ستة قرون من الحكم العثماني وواجهت تركيا في معركة خسرت فيها الكثير وأنتجت جلاء العديد من الأبرياء سواءً من الاتراك أو اليونانيين من ديارهم التي لم يعرفوا سواها وتعايشوا فيها لقرون عديدة مع جيرانهم في سلام تام. وتؤكد الكاتبة على أهمية التاريخ وفعاليته حين يستخدم بالطريقة الصحيحة فهو مليء بالأمثلة والتجارب التي تكون مخزوناً مهماً يساعد على اتخاذ القرارات السليمة، كما أن له وجهاً آخر حين يستخدم بأيدي القادة المتطرفين وينتج شعوراً بالقهر والرغبة بالانتقام لدى الشعوب. ويتمحور الكتاب حول نقاط أساسية هي: ديمومة التاريخ وإساءة استخدام التاريخ المصالح ذاتية ومكاسب سياسية، شهود الحدث ليسوا دائماً هم الأفضل في نقل الحقيقة قد لا تكون الأحداث ومسبباتها واضحة في زمانها ولكن بعد فترة من الزمن تتبين أسباب أخرى كانت وراء مواجهات عسكرية أو مذابح جماعية أدت إلى انهيار دول وإلى تفكك اتحادات دولية مؤدية بالتالي إلى تشرد وجوع وخوف يشمل البشرية. يقدم الكتاب جميع هذه الدراسات والأمثلة التاريخية بلغة بسيطة راقية تناسب المتخصص وغيره والكتاب بهذا الشكل مفيد لجميع القراء ويندرج تحت الكتب الثقافية التي تضيف بعداً تاريخياً للثقافة الإنسانية.
وفي الجانب العلمي أيضا بحثت د.هند في الجانب الشبكي فأصدرت كتاب: «دور وسائل التواصل الاجتماعي في تمكين المرأة السعودية من التعبير»، وهو كتاب صدر باللغة الإنجليزية، تناولت فيه عالم الإنترنت الغامض والمنتديات الإلكترونية والمنغمسين فيها تحت أسماء مستعارة كما يحلل الكتابات النسائية فيها وانعكاس ذلك على الصحف الورقية، ثم ينتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي مركزا على منصة تويتر وإقبال المجتمع السعودي عليه وتفضيله على المنصات الأخرى. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الكتابة الرسمية النسائية والعلاقة بينهما وسقف حرية الطرح قبل وبعد مستعرضا كاتبات ليس لهن أي معرف على مواقع التواصل ولكن اتسم طرحهن بالجرأة والكتاب يعزز حرية الطرح عند الكاتبة السعودية ويعرض نماذج من كتاباتها.
كما خصصت د.هند إصدارا لدعم المرأة السعودية فأصدرت كتابها: «لمرأة العصرية في المملكة العربية السعودية الحقوق والتحديات والإنجازات»، وهو باللغة الإنجليزية، وهو كتاب يعد الأول في تقديم المرأة السعودية من داخل النص الثقافي المحلي وهو يقدم عدة محاور منها التطور التاريخي للمرأة والمحرمات الاجتماعية. يستعرض الكتاب أيضا إنجازات المرأة السعودية عبر تاريخها الاجتماعي والاقتصادي والديني ويهدف الكتاب إلى ربط ماضي المرأة السعودية بحاضرها. وهناك فصل كامل يستعرض كتابات المرأة الروائية ويحللها بدءا من أولى محاولات الكتابة الإبداعية النسائية وترجم الكتاب إلى اللغة الصينية.
وفي هذا المضمار أيضا أصدرت د.هند كتابها: «المرأة السعوية والتطرف»، وكشفت فيه أسباب التطرف النسائي وانتقال بعضهن للقاعدة وداعش..
الكتاب يبرز جهود المملكة في مناهضة ظاهرة التطرف والقضاء عليها.
كما صدر للدكتورة هند، مجموعة من البحوث العلمية.