عرفت الأستاذ الأديب محمد بن عبدالرزاق القشعمي لأوّل مرة في حفل تكريم الأستاذ سعد بن عبدالرحمن الدريهم -رحمه الله-، الذي أقيم في محافظة الدلم بتاريخ 19 - 4 - 1432هـ برعاية وزارة الإعلام، وكان له صلة وطيدة بالمرحوم سعد، توطّدت مع مرور الأيام والسنين، وكان كل منهما يتعّهد هذه العلاقة بالصلة والتواصل، والسؤال عن بعضهما بعضًا؛ حتى لا تذبل هذه العلاقة مع مرور الأيام. وكان الأستاذ محمد يزور الدلم بين الفينة والفينة الأخرى، وبالأخص زيارته لنادي الطليعة سابقًا، ونادي الشرق حاليًا عندما كان يعمل في الشؤون الثقافية لرعاية الشباب ويستضيفه في مزرعة الدريهمية بالدلم. ولقد بلغت شهرته الآفاق؛ لتميزه بميزات نادرة قلّما تجتمع في الشخص فله بصمات جليلة على ساحتنا الثقافية فهو ينبش النوادر من المعلومات، ويغوص في القضايا النادرة، وعلى وجه الخصوص سير الأعلام من العلماء والأدباء والمثقفين، وتحديدًا الذين عاشوا في الظل بعيدين عن أضواء الإعلام، وكانت المعلومات عنهم نادرة. ومن اهتماماته رصد بدايات الصحافة في بلادنا رصدًا دقيقًا حيث إنّه يستطيع أن يعرف بكل صحيفة، ومن ذلك معرفته بسنة صدورها، ورئيس تحريرها من بدايتها، ومن تعاقب على رئاسة تحريرها. ولقد تغلب على رحلة المتاعب والمصاعب التي واجهته في رحلة البحث والتنقيب والتقصي. ولقد وهب الله الأستاذ محمدًا صفات مميزة فهو يأسرك بحديثه الشيق بما يملكه من خلفية علمية وأدبية إذا تكلم عن أي موضوع ثقافي أو أدبي، أو سير الأعلام. وهو من المهتمين اهتمامًا كبيرًا بقضايا أمته ووطنه الثقافية والاجتماعية، وقدّم لبلده ثروة علمية ثقافية لا تقدر بثمن، ومن أبرزها التاريخ الشفوي أثناء عمله بمكتبة الملك فهد الوطنية ولا سيما التاريخ غير المدون، حيث جاب مناطق المملكة شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا حيث يلتقي بروّاد الثقافة والأدب، ورجالات الوطن الذين كان لهم عطاء ملحوظ، ومواقف متميزة في خدمة بلدهم. ولقد اطلعت على بعض إنتاجه العلمي والفكري الغزير من كتبه ومقالاته التي أهداها إليّ مشكورًا، واندهشت من جلده وصبره ودقته في جمع المعلومات النادرة من شتى المصادر والوثائق عن التاريخ الثقافي والأدبي والاجتماعي وروّاده في بلادنا من رجال ونساء، الذين لعبو أدوارًا مهمة في مجالات العلم والأدب والثقافة. كما يعد أبو يعرب موسوعة وطنية زاخرة بالمعلومات المفيدة، وله حضور فاعل ومميز في حضوالمنتديات الأدبية والثقافية، التي تقام في أنحاء المملكة، وله بصمة واضحة عند حضوره لهذه المنتديات والندوات إذ إنه يثريها بمعلومات جديدة، ويضفي عليها جمالاً ورونقًا، ويوضح بأسلوبه الراقي الرصين بعض الأفكار التي وردت في المحاضرة إذا رأى أنها تحتاج إلى توضيح، ويكمل ما نقص منها. ومن صفات أبي يعرب التي يمتاز بها حينما يلتقي بأحد الأشخاص لأوّل مرة أنه يستطيع بسرعة أن يهدم كل الأسوار بينهما بحيث يصبح ذلك الشخص كأنه يعرفه منذ زمن بعيد. هذه خواطر عن أبي يعرب الأستاذ محمد القشعمي من خلال معرفتي به خلال السنوات الأخيرة سائلاً الله -جلّ في علاه- أن يمتعه بالصحة والعافية، ويجزيه خير الجزاء على ما قدم لأمته ووطنه في مجال الثقافة والأدب وسير الأعلام.
** **
- د.زيد بن علي الدريهم