رغم أن آيسلندا ليست أكثر دولة في العالم في عدد الكتَّاب، وليست أكبر دولة من حيث المساحة أو عدد السكان؛ فإن بها أكبر نسبة من عدد الكتَّاب في العالم بالنسبة لعدد سكانها حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
وتشير بعض الدراسات والكتب إلى أن واحدًا من بين كل عشرة آيسلنديين هو كاتب بالضرورة على مدار حياته، رغم أن عدد سكانها في حدود 400 ألف نسمة (bbc.com). وحسب دراسة لمركز الأدب الآيسلندي (www.islit.is) فإن الآيسلنديين يقرؤون 2.4 كتاب كل شهر، رغم أن هناك من يقرأ 5 كتب وأكثر كل شهر، ومن لا يقرأ البتة، ولذلك فإنهم ورغم قلة عددهم يسمون أمة (دودة الكتب). كما تشير دراسات أخرى إلى أن ثلث هذا الشعب الأوروبي يقرأ (أو يستمع للكتب) يوميًّا، حيث ينتشر الاستماع للكتب هناك أيضًا.
ويرجع البعض ظاهرة ارتفاع نسبة القراءة هناك إلى عدة أسباب، منها طبيعة الطقس، ذلك أن برودة الجو وطول ليالي الشتاء لديهم تضطر الناس إلى الانعزال الإجباري، والبقاء في البيوت هربًا من الجو البارد. كما أنه كان من طقوس الآيسلنديين تاريخيًّا، منذ القرن الثالث عشر الميلادي، سرد القصص الملحمية الطويلة وهم متحلقون حول نار يتدفؤون بها. وقد استمر هذا التقليد إلى اليوم مدفوعًا بتراث من القصص يعوِّضهم عن الترفيه بالخروج إلى الشوارع.
ومن أسباب إقبالهم على الكتب والقراءة أنهم يقرؤون في الغالب بلغتهم الأصلية، التي لا يتحدث بها في العالم سوى الآيسلنديين، حيث إن لديهم خشية من ضياعها، ولأن لديهم رغبة كبيرة في المحافظة عليها وحمايتها. وهكذا فإنهم يستخدمونها إلى أقصى حد في مختلف صنوف الأدب كالشعر والفكر والرواية.
ولدى الآيسلنديين تقليد جميل حري بشعوب العالم الاقتداء به، وهو تقليد إهداء الكتب في مختلف المناسبات، ومنها على وجه الخصوص مناسبات رأس السنة الميلادية، حيث يستقبلون كتبًا كهدايا يضعونها تحت شجرة الميلاد. ولذلك فإن الإحصاءات تشير إلى أن 80 % من عوائد الكتب هناك تأتي قبل مناسبة الكرسمس بشهرين.
** **
- يوسف أحمد الحسن
@yousefalhasan