تفوق ملتقى نادي مكة الأدبي كثيراً على تحديات العصر النافر من الثقافة ورسم خطوات التميز منذ لحظاته الأولى.
كان لي شرف الانضمام لجماعة من المثقفين في هذا المنتدى ولم يطل انتظارنا للجمال فقد حل مع لحظات الافتتاح الأولى عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عن رفضه التام لبقاء الأسماء الأجنبية للقاعات والمحافل الرسمية ووجوب حلول أسماء عربية مكانها بل وأكد أنه يهبهم فرصة ستة أشهر لا غير لاستبدالها بأسماء عربية.
هكذا مع بداية الإشراق يحل الجمال معلنا عن ملتقى مختلف ويبشر بوعي كبير يحل مبكراً ولا تبتعد كثيرا حتى تغمرك السعادة بعنوان الملتقى «المثاقفة الإبداعية.. ائتلاف لا اختلاف» بهذا العنوان الجمالي الجليل تجد نفسك أمام فضاء رحب من المعرفة والألق وعندما تحلق مع أوراق الملتقى يكفيك أن تقرأ أسماء المتحدثين المشاركين بأوراق نقدية لتصحب باعتزاز أسماء تهب الضوء لكل مكان تحل فيه حيث تجد أساتذتنا الدكتور عزت خطاب والدكتور محمد بن مريسي الحارثي والدكتور صالح بن رمضان والدكتور حسن البنا عز الدين وتبحث في العنوانات فتجد سماء أخرى تدعوك بإغراء لأن تحلق فيها حيث تعانق الترجمة النبض وتمضي المثاقفة مع التداولية وتسعى النظرية بجوار التعزيز.
هكذا بقينا معهم وهكذا عبثوا بأرواحنا حيث شاءوا فنسينا ما معنى الفشل وبقي الكمال مسيطرا.
وبين الجلسات أو بعدها يصحبك بدماثة الكبار معالي الدكتور سهيل قاضي والدكتور محمود حسن زيني والدكتور حسن با جودة والدكتور حامد الربيعي والأستاذ فاروق بنجر كما تسعد بصحبة الضيوف المميزين ومع الكبار يكون الحديث كبيرا فيشمل الملتقى وطلب ملاحظات عليه وإلحاح في طلب التوجيه حتى من الصغار ليؤكدوا مجددا أنهم أصحاب رسالة يسعون لتحقيقها ولا يقبلون بأنصاف الحلول أبدا.
نعم.. لم تكن القضية ملء فراغ ولم تكن ركضا خلف أوراق كانت ما كانت ولم تكن نموذجا تتم تعبئته بأسماء لئلا يتغلب الصمت.. كانت القضية بحثا عن فضاء جميل يجبرك على احترام القائمين على المنتدى لأنهم احترموا أنفسهم أولا واحترموك أنت فلم تتم دعوتك عبثا ولا محاولة لنيل ود بل كانت تلاقحا ثقافيا رائعا.
وحتى اللجنة النسائية كانت جادة وأثبتت أنها حاضرة لتكون في المقدمة من خلال الأوراق المقدمة من السيدات ومن خلال المداخلات الثرة بل ومن خلال المحاولة الجادة للتفوق على الذات من جهة وعلى الآخر من جهة أخرى.
ولعمري لقد نجح القوم أيما نجاح وتركوا البقية يلهثون خلفهم فهل يدركونهم؟
يبقى السؤال بلا جواب حتى نرى ملتقيات أخرى تحاول أن تقنع الحاضرين بأن لديها شيئا يستحق السماع.
ختاما: عندما تعجز الكلمات نيأس فنلجأ للشكر..شكرا نادي مكة الأدبي.