الثقافية - خاص- م.د
«لماذا ترفض الثقافة العربية، دون غيرها من الثقافات العالمية، التعامل مع آدابها العامية برحابة صدر وموضوعية؟ وإذا كانت جميع الأمم تستطيع التعايش مع عدة مستويات لغوية وأدبية، فلماذا يرى البعض أننا نحن بالذات عاجزون عن ذلك»؟؟
في محاولة خلاقة، وهمة بحث عالية يجيب الدكتور سعد الصويان على هذا السؤال، واعياً وملمَّاً بما يستدعيه من تفريعات أخرى، يتابعها ويقارب بين تفصيلاتها ومآلاتها، عبر سنوات طويلة أفناها في سبيل إعداد كتابه القيم: (الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص).
وبموضوعية وحياد منهجي رصين يرى الصويان أن المواقف الرافضة لفكرة دراسة فنون القول الشعبية مواقف تستحق وقفة تأملية؛ لمعرفة أسبابها والبحث عن جذورها الأيديولوجية والاجتماعية.
ولذلك فهو يمارس - من خلال كتابه هذا - تلك الوقفة، ويناقش قضية دراسة الشعر النبطي بين المشروعية والرفض، ويحدد الإطار الذي تتبلور من خلاله مقولات الرافضين: بين دينية وقومية وسياسية ونخبوية، وينقضها عبر تحليل موسع وعميق لمرجعياتها وإسناداتها ومنابع التصورات التي شيدت من خلالها، ويفندها برؤية معرفية تستند إلى حقائق الوجود والعلم والمنهجية والفكر، دون أن يغفل مفهوم (الشعبية) التي ينتمي إليها هذا الشعر، وتمثل هويته الثقافية، في جذورها التاريخية الأولى.
في كتاب الصويان، ثمة رابط إجرائي بين التأريخ للشعر النبطي ودراسة ذلك التاريخ؛ مسمَّاه ونشأته وتحولاته، لغته وأصواته، وتغيراته وبدايات تدوينه، ونماذج من نصوصه وشعرائه عبر حقب عدة.
وهو كتاب بكل ما حفل به من أفكار ومضامين جادة ورؤى متنوعة، يتعاطى مع الشعر النبطي كمكون من مكونات الثقافة الشعبية التي يعدها الصويان جانباً من جوانب الإبداع والعطاء في حضارتنا.
والكتاب يقدم مؤلفَه كواحد من الباحثين المعنيين بهذه الثقافة، الواعي بدورها وأهميتها وعضويتها النوعية في كيان ثقافتنا العربية. التي تحتاج باحثا يملك دأبه وهمته في الجمع والتحليل والتحرير.