القاهرة – مكتب الجزيرة – أ.ع
بثينة خضر مكي قاصة وروائية سودانية، تعتبر أول رئيس لرابطة الأديبات السودانيات، كما أنها عضو مؤسس للاتحاد العام للأدباء والكتاب السودانيين، وقد أصدرت حتى الآن خمس مجموعات قصصية منها: أشباح المدن، وأطياف الحزن، ورائحة الخريف، إضافة إلى ثلاث روايات هي: أغنية النار، وصهيل النهر، وحجول من شوك. كما كتبت للأطفال، فتاة القرية، والأمير الثعبان، وحصلت على وسام الجمهورية السودانية للعلوم والآداب والفنون، الجزيرة التقتها وكان معها هذا الحوار.
لماذا الكتابة؟
الكتابة حافز إيجابي ووجود داخل التكوين النفسي للإنسان، والكتابة الإبداعية هبة من الله سبحانه وتعالى، لكن على الكاتب أن يصقلها من خلال اختيار الألفاظ المناسبة وتشذيب اللغة، ووضعها في سياقات ملائمة، حتى يستطيع أن يفرغ المعاني التي يريدها.
بدأت بكتابة القصة ثم انتقلت إلى الرواية فهل كانت القصة تدريباً على كتابة الرواية؟
لقد بدأت بكتابة المقالة الصحافية، ثم القصة القصيرة، ثم الكتابة للطفل، وأخيراً الرواية، ربما كانت القصة عتبة لذلك، لأني عندما قدمت مجموعتي القصصية الأولى «النخلة والمغنى» في العام 1993 قال كثير من النقاد: إنها تحتوي على نفس روائي، ومن الممكن أن تكون رواية قصيرة، وسألت نفسي هل من الممكن أن أسترسل في الكتابة لكي تطول مساحة القصة وتصبح رواية؟ لكنني اكتشفت أن لكل جنس أدبي خصوصيته، فالقصة ومضة خاطفة لحالة شعورية واحدة، عكس الرواية التي تمتلئ بالتفاصيل الدقيقة والحياتية، وبشكل أكثر اتساعاً.
وماذا عن حجم الحرية في كتاباتك؟
الكتابة والحرية صنوان لا ينفصلان، ولن تقوم لأي كتابة قائمة من دون حرية المبدع، وأعتقد أنني لم أتوقف في كتاباتي عند حدود فاصلة بين ما هو كائن في عقلي وما يجب أن يكون اجتماعياً، لذلك أنا أكتب بقلم حر، لأن الكتابة ينبغي أن تكون كذلك بلا حدود، ما لم يكن ذلك ضاراً بالمجتمع والقيم أو بإرادة الوطن، ولا تعني الحرية أن يكون الكاتب منفلتاً في أخلاقه أو تصرفاته الاجتماعية.
يلاحظ اهتمامك البالغ بالبلاغة من أين أوتيت هذا؟
أوتيت ذلك طبعاً وكسباً، كنت بطبعي أميل إلى البيان، وفتنت به، فدأبت على امتلاكه، وأظنني قد نلت منه قليلاً.
يرى البعض أنك تتمتعين بأسلوب كلاسيكي كيف ترين هذا الأمر؟
الكلاسيكية يجهلها أكثر الناس استعمالاً لها، فالكلاسيكية تعني الإتقان والصحة النهائية، وتعني الأجمل والأقرب إلى أفضل أنواع البيان، وأنا أنحو هذا النحو، لأنني وجدته أيسر، ووجدته أقرب إلى الفهم، ومن لايفهم هذا ففي عقله وصدره علة.
** وهل ما زالت الكتابة النسوية مكبلة بالرموز والاستعارات؟
لا أعتقد ذلك فالكاتبة العربية اليوم تملك قدراً من الحرية يمكنها من الإبداع من منطلقات فكرية وآفاق لا حدود لها في سماوات الإبداع.
وماذا عن شاعرية اللغة لديك؟
الشاعرية تعطي لمسة حانية للمفردات المستخدمة في العمل الإبداعي، خصوصاً إذا كان هذا العمل يصور خشونة في المواقف السلوكية والاجتماعية، ولكن لا أستطيع أن أحكم على أعمالي، بل أترك هذا للمتلقي والناقد.
هل هناك علاقة بين الذاكرة والكتابة؟
كثير من الكتابات تكون مستمدة من الذاكرة، ومعظمها يرتكز على مرحلة الطفولة، أنا مثلاً عشت في قرية على النيل، لذلك تجد أن كتاباتي فيها قدر كبير من وصف الطبيعة، في تلك المنطقة، مثل وصف أشجار المانجو والجوافة والحقول ومجتمع الريف، وهذه الذكريات انغرست في داخلي منذ الطفولة، وعليها قامت مخيلتي الأدبية.
الآن أصبحت تستهويني الكتابة عن النفس البشرية، وتأثرها بالمتغيرات من حولها، سواء كانت متغيرات جغرافية تتصل بالطبيعة أو بالحياة الاجتماعية والسياسية.
كيف تقرئين خريطة الإبداع في السودان اليوم؟
المتغيرات السياسية والظروف التي مرت بها البلاد أثناء الحرب الأهلية، وما يحدث الآن في دارفور، يجعل الموقف في السودان صعباً للغاية على الإنسان بصفة عامة، والمبدع أشد حساسية لما يحدث حوله، وبالتأكيد ينعكس هذا بالسلب عليه، ويعد خصماً لكتاباته الإبداعية، وأتمنى أن يعم الاستقرار السودان، حتى يستطيع المبدعون القيام بدورهم كاملاً في إثراء الساحة الثقافية العربية.
هل وصلت إلى ما تطمحين إليه؟
أعتقد أنه تشغلني مسؤولياتي الأسرية والاجتماعية إلى حد كبير عن المسالك الوعرة في الكتابة الإبداعية، وأتمنى أن يتاح لي الوقت والعمر حتى أستطيع أن أحقق بعض طموحاتي في مسيرتي الإبداعية في مجال القصة والرواية.